للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رواية أيضًا في الصحيحين من طريق خَالِد بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَمْرِو بنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ وفيه: «فَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ».

وفي البخاري عن ابن عباس: «أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ» (١). قال الحافظ: وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مِنْ كُلِّ غَرْفَةٍ.

قال النووي: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَكُونَ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ، يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا (٢).

قال ابن القيم: وَلَمْ يَجِئ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ.

قلت: فدل هذا على الجمع بين المضمضة والاستنشاق. وهذا قول عند المالكية والمنصوص عن الشافعي والمشهور من مذهب الحنابلة (٣).

وذهب الحنفية وقول في مذهب المالكية وهو قول أكثر الشافعية (٤) أنه يفصل بين المضمضة والاستنشاق.

واستدلوا بما رُويَ عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «دَخَلْتُ - يَعْنِي - عَلَى النَّبِيِّ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، وَالْمَاءُ يَسِيلُ مِنْ وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ عَلَى صَدْرِهِ، فَرَأَيْتُهُ يَفْصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ» (٥).


(١) «البخاري» (١٤٠).
(٢) «شرح مسلم» (٣/ ٦٢١).
(٣) «المنتقى» (١/ ٤٥)، «الأم» (١/ ٢٤)، «المغني» (١/ ١٦٩ - ١٧٠).
(٤) «البحر الرائق» (١/ ٢٢)، «الخرشي» (١/ ١٣٤)، «المجموع» (١/ ٣٩٧).
(٥) ضعيف: رواه أبو داود (١٣٩) من طريق ليث يذكر عن طلحة عن أبيه عن جده به.
ولهذا الحديث علل:
الأولى: في إسناده ليث بن أبي سليم ضعيف.
الثانية: وفي إسناده طلحة لا يُعرف من هو، في الجرح والتعديل (٤/ ٤٧٣): سئل أبو زرعة عن طلحة الذي يروي عن أبيه عن جده قال: رأيت النبي يتوضأ … الحديث، فقال: لا أعرف أحدًا سمى والد طلحة إلا أن بعضهم يقول: ابن مصرف.
الثالثة: ما قاله ابن القطان في بيان الوهم والإيهام: وعلة هَذا الخبر عندنا الْجَهْل بِحَال مصرف بن عَمْرو، وَالِد طَلْحَة بن مصرف، كما في «البدر المنير» (٣/ ٢٨٤) وجد طلحة بن مصرف اختلف في صحبته وأنكر صحبته ابن معين، وأثبت صحبته ابن مهدي. انظر «البدر المنير» (٣/ ٢٨٢). وإن لم يكن طلحة بن مصرف وكان طلحة آخر فهذا مجهول وأبوه مجهول وجده مجهول- فالحديث لا يصح والله أعلم.

<<  <   >  >>