للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجَنَابَةِ، غَسَلَ يَدَيْهِ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدِهِ شَعَرَهُ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ … (١).

قولها: (حَتَّى إِذَا ظَنَّ)، دل ذلك على غلبة الظن، وغسل الجنابة طهارة.

واعترض عليه بأن الظن يأتي بمعنى اليقين: ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٠].

وأجيب عليه: بأن (ظن) تفيد اليقين بقرينة، والأصل حمل اللفظ على ظاهره، ولا توجد قرينة هنا.

وذهب بعض الحنفية، وقول عند الحنابلة إلى أنه لا بد من اليقين في الاستنجاء (٢).

واستدلوا بماروى مسلم عن ابن عباس ﴿: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانُ لَا يَسْتَنْزِهُ عَنِ الْبَوْلِ» (٣). فإن كان هذا الرجل يعذب لأنه كان لا يستنزه من بوله كان لا بد من اليقين عند قضاء الحاجة أنه تطهر.

واعترض عليه بأن معنى الحديث: بأنه لا يهتم بالاستنجاء، أما إذا غلب على ظنه أنه أنقى المحل فقد تطهر، والله يقول: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨]، وقد تؤدي كثرة الاستنجاء إلى الوسوسة.

فالراجح: أنه يكفي في الاستنجاء غلبة الظن، والله أعلم.

[المطلب السادس: حكم الترتيب بين الاستنجاء والوضوء.]

ذهب جمهور العلماء إلى أنه يصح الوضوء قبل الاستنجاء، وبه قال الحنفية، والمالكية، والشافعية، ورواية عند الحنابلة (٤).


(١) البخاري (٢٧٣)، ومسلم (٣١٦).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٣٤٥)، و «الإنصاف» (١/ ١١٠).
(٣) مسلم (٢٩٢).
(٤) «حاشية ابن عابدين» (١/ ١٢٣)، والخرشي (١/ ١٤١)، و «المهذب» (١/ ٢٧)، و «الإنصاف» (١/ ١١٥). والمشهور عند الحنابلة أنه لا يصح الوضوء قبل الاستنجاء.

<<  <   >  >>