للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث في طهارة آنية الكفار]

اختلف أهل العلم في طهارة آنية الكفار على خمسة أقوال:

القول الأول: يُكره استعمال أواني المشركين قبل غسلها، وهو قول الحنفية (١).

واستدلوا لذلك بما ورد في الصحيحين عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ الله، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ وَبِأَرْضِ صَيْدٍ، أَصِيدُ بِقَوْسِي، وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ وَبِكَلْبِي المُعَلَّمِ، فَمَا يَصْلُحُ لِي؟ قَالَ: «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا، وَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ الله فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ المُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ المُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ» (٢).

نهى النبي عن استعمال أواني الكفار مع وجود غيرها والنهي إذا كان للتحريم فقد وردت أدلة تصرف النهي للكراهة كقوله تعالى ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ (٥)[المائدة]، وقد أكل النبي من طعام أهل الكتاب.

القول الثاني: ذهب مالك إلى أنه يجب غسل ما استعملوه من الآنية، ولا يجب غسل ما صنعوه ولم يستعملوه (٣) لعموم قول النبى : «فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا»، والنهي للتحريم، وأهل الكتاب يأكلون الميتة فيغلب على آنيتهم النجاسة.

واعترض عليه بأن النبي أكل من طعام أهل الكتاب، ولو كان محرمًا ما فعله . وأما التفريق الذي فرقوه فليس عليه دليل.


(١) «البحر الرائق» (٨/ ٢٣٢)، و «المبسوط» (١/ ٩٧).
(٢) «البخاري» (٥٤٧٨)، و «مسلم» (١٩٣٠).
(٣) «مختصر خليل» (ص ١١)، و «مواهب الجليل» (١/ ١٢١).

<<  <   >  >>