للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دون الأخرى ومَسَحَ عَلَيْهِ وغَسَلَ الأخَرَ، لَمْ يَجُزْ بِلَا خِلَافٍ (١).

[الشرط السادس: يشترط ثبوت الخف على القدم]

فإذا كان الخف يسقط من القدم عن محل الفرض فلا يمسح عليه لأن النص ورد في الخف المعتاد (٢)، وأما إذا كان الخف واسعًا ولا يثبت إلا بشده بخيط أو بغيره فإنه يمسح عليه لأن الإذن بالمسح على الخف وما في معناه مطلق غير مقيد.

قال ابن تيمية في ثبوت الخف بنفسه: وَقَدِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد، فَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِشَدِّهِ بِشَيْءِ يَسِيرٍ أَوْ خَيْطٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يُمْسَحْ، وَإِنْ ثَبَتَ بِنَفْسِهِ لَكِنَّهُ لَا يَسْتُرُ جَمِيعَ الْمَحَلِّ إلَّا بِالشَّدِّ - كالزربول الطَّوِيلِ الْمَشْقُوقِ: يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ لَكِنْ لَا يَسْتُرُ إلَى الْكَعْبَيْنِ إلَّا بِالشَّدِّ - فَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِ.

وَهَذَا الشَّرْطُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي كَلَامِ أَحْمَد بَلِ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتَا بِأَنْفُسِهِمَا بَلْ بِنَعْلَيْنِ تَحْتَهُمَا؛ وَأَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ مَا لَمْ يَخْلَعْ النَّعْلَيْنِ، فَإِذَا كَانَ أَحْمَدُ لا يَشتَرطُ فِي الْجَوْرَبَيْنِ أَنْ يَثْبُتَا بِأَنْفُسِهِمَا بَلْ إذَا ثَبَتَا بِالنَّعْلَيْنِ جَازِ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا، فَغَيْرُهُمَا بِطَرِيقِ الْأَوْلى، وَهُنَا قَدْ ثَبَتَا بِالنَّعْلَيْنِ وَهُمَا مُنْفَصِلَانِ عَنْ الْجَوْرَبَيْنِ. فَإِذَا ثَبَتَ الْجَوْرَبَانِ بِشَدِّهِمَا بِخُيُوطِهِمَا كَانَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا أَوْلى بِالْجَوَازِ (٣).

فالحاصل: أن الخف إذا ثبت على القدم، سواء كان بنفسه أو بشده بخيط أو بغيره على محل الفرض، مسح عليه، أما إذا سقط عن محل الفرض فلا يمسح عليه.

* * *


(١) «المجموع» (١/ ٥٢٣).
(٢) انظر «المبسوط» (١/ ١٠٢)، «حاشية الدسوقي» (١/ ١٤٣)، «روضة الطالبين» (١/ ١٢٦).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ١٤٨).

<<  <   >  >>