للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: حكم الأواني المتخذة من شعر الميتة ووبرها وصوفها.]

أجمع العلماء على أن الشعر والصوف والوبر إذا جُز من حيوان طاهر وهو حي، فإنه طاهر، واختلفوا فيما إذا جز من حيوان ميت:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى طهارة الشعر والصوف والوبر؛ لأنها لا تدخلها الحياة (١).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (٨٠)[النحل].

وجه الدلالة: أن الله ذكر بعض النعم والانتفاع بها، وهي أصواف الشاة، وأوبار الإبل، وأشعار المعز، وبهذا يجوز اتخاذ الآنية من الشعر والصوف والوبر.

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ٥﴾ [النحل: ٨٠]. وقوله تعالى: ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ والدفء الذي يحصل من الأنعام ما يتدفأ به من شعرها وصوفها ووبرها، وذلك يقتضي إباحة الانتفاع بالشعر والصوف والوبر من الأنعام حال الحياة والموت.

وفي الصحيحين عن عَبْدِ الله بْنَ عَبَّاسٍ ﴿قال: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ، فَقَالَ: «هَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا؟»، قَالُوا: إِنَّهَا مَيِّتَةٌ. قَالَ: «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا» (٢)، أما الشعر والصوف والوبر فلا بأس بذلك.

قال ابن القيم: وَيَدْخُلُ فِي تَحْرِيمِ بَيْعِ الْمَيْتَةِ بَيْعُ أَجْزَائِهَا الَّتِي تَحِلُّهَا الْحَيَاةُ، وَتُفَارِقُهَا بِالْمَوْتِ، كَاللَّحْمِ وَالشَّحْمِ وَالْعَصَبِ، وَأَمَّا الشَّعْرُ وَالْوَبَرُ وَالصُّوفُ، فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَيْتَةِ، وَلَا تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ (٣).


(١) «شرح فتح القدير» (١/ ٩٦)، و «المنتقى» (١/ ١٨٠)، و «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٦١٧).
(٢) «البخاري» (١٤٩٤)، و «مسلم» (٣٦٣).
(٣) «زاد المعاد» (٥/ ٥٧٣).

<<  <   >  >>