للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب الحنفية إلى أن مس الذكر لا ينقض الوضوء مطلقًا.

والمالكية فرقوا، يقولوا إنْ مسه بشهوة وإلا فلا.

والراجح: أن من مس ذكر غيره لا ينتقض وضوءه وخاصة مس المرأة فرج طفلها لأنه لم يأت نص بذلك. قال ابن عبد البر: الوُضُوءُ لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ أَوْ فَرْجَهُ قَاصِدًا مُفْضِيًا، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُوجِبُ الظَّاهِرَ والأصل أن الوضوء المجتمع عَلَيْهِ لَا يَنْتَقِضُ إِلَّا بِإِجْمَاعٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ غَيْرِ مُحْتَمِلَةٍ لِلتَّأْوِيلِ (١).

• المطلب الثالث: مس الأنثيين والأليتين والرفغين:

ذهب الأئمة الأربعة إلى أن مَنْ مَسَّ أنثييه أو أليتيه أو رفغيه لا ينتقض وضوءه.

وذهب عروة بن الزبير إلى أنه يجب عليه الوضوء، ودل على ذلك حديث بُسْرَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ، يَقُولُ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ أَوْ أُنْثَيَيْهِ أَوْ رَفْغَيْهِ فَلْيَتَوَضَّأْ» (٢).

واعترض عليه بأن ذِكر الأنثيين والرفغين مدرج من كلام عروة.

والراجح: أن مَنْ مَسَّ أنثييه أو رفغيه لا ينتقض وضوءه، والله أعلم.


(١) «فتح البر بترتيب التمهيد لابن عبد البر» (٣/ ٣٤٢) وعلى ذلك، فإن مس فرج الميت في الغسل لا ينقض الوضوء، ولا ينتقض وضوء الملموس لأن الأحاديث جاءت في اللامس، ولا يجب الوضوء على مس فرج البهيمة؛ لأن الوضوء يجب بمس المرء فرجه لا فرج غيره، من مس حلقة الدبر لا ينتقض وضوءه، واستدلوا بأن النص الوارد «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» فدل على أن مس الدبر لا ينقض الوضوء.
(٢) ذكر الأنثيين والرفغين مدرج. أخرجه الدارقطني (١/ ١٤٨) وقال: كذا رواه عبد الحميد بن جعفر، عن هشام ووهم في ذكر الأنثيين والرفغ، وإدراجه ذلك في حديث بسرة عن النبي والمحفوظ أن ذلك من قول عروة غير مرفوع، كذلك رواه الثقات عن هشام، منهم أيوب وحماد بن زيد وغيرهما، قال النووي «المجموع» (٢/ ٤٤): هذا حديث باطل موضوع، وإنما هو من كلام عروة. وأخرجه الدارقطني (١/ ١٤٨) من طريق أيوب عن هشام عن عروة عن بسرة مرفوعًا: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وكان عروة يقول: «إذا مَسَّ رَفْغَيْهِ أَوْ أُنْثَيَيْهِ فَلْيَتَوَضَّأْ»»، فتبين أن هذا مدرج من قول عروة.

<<  <   >  >>