للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والراجح ما ذهب إليه المالكية والحنابلة من إباحة الاستعانة بصب الماء على المتوضئ. واستدلوا لذلك بما روى في الصحيحين عن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ فِي سَفَرٍ … وفيه: «فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ»، فدل ذلك على إباحة الإستعانة بصب الماء على المتوضئ.

[المبحث الخامس: حكم الكلام أثناء الوضوء]

يجوز الكلام أثناء الوضوء لأن النبي كلم أم هانئ وهو يغتسل وإذا كان يجوز الكلام أثناء الغسل مع ما فيه من تعري فالجواز في الوضوء من باب أَوْلى.

في الصحيحين عن أُمِّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، تَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ الله عَامَ الفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ. قَالَتْ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ»، فَقُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ. فَقَالَ: «مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ»، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ، قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ (١).

وذهب المالكية وفي المشهور من مذهب الحنابلة إلى أن يكره الكلام أثناء الوضوء (٢).

واستدلوا لذلك بالسنة والمأثور:

أما السنة فعن عثمان أنه توضأ وفيه: وَسَلَّمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى فَرَغَ، فَلَمَّا فَرَغَ كَلَّمَهُ مُعْتَذِرًا إِلَيْهِ، وَقَالَ: لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّنِي سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَقُولُ: «مَنْ تَوَضَّأَ هَكَذَا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا


(١) «البخاري» (٣٥٧)، و «مسلم» (٣٣٦).
(٢) قال القاضي عياض في شرح مسلم: إن العلماء كرهوا الكلام في الوضوء والغسل. «الإنصاف» (١/ ١٣٧).

<<  <   >  >>