للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعترض عليه بأن ذكر الأكل والشرب لا يدل على التخصيص؛ لأنه خرج مخرج الغالب وأن الله حرم الأكل والشرب لأنه نوع من الاستعمال، ولهذا شواهد: قال تعالى: ﴿لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ [آل عمران: ١٣٠]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ [النساء: ١٠]، وليس المحرم أكل مال اليتيم فقط ولكن المحرم سائر الاستعمالات، وذِكْر بعض أفراد العام لا يخصصه.

فالراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء أنه يحرم استعمال أواني الذهب والفضة في غير الأكل والشرب، وذكر بعض أفراد العام لا يخصصه.

[المطلب الثالث: حكم الطهارة في آنية الذهب والفضة.]

اختلف العلماء على قولين:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أن الطهارة في آنية الذهب والفضة صحيحة مع الإثم، وبه قال الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن أحمد (١).

واستدلوا لذلك بأن حقيقة الوضوء هو جريان الماء على الأعضاء فليس هذا بمحرم، كما أنه لو أكل في إناء الذهب لم يكن المأكول حرامًا، إنما المحرم إناء الذهب، فكذا الطهارة.

قال الشافعي: وَلَمْ أَزْعُمْ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي شَرِبَ وَلَا الطَّعَامَ الَّذِي أَكَلَ فِيهَا مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ وَكَانَ الْفِعْلُ مِنْ الشُّرْبِ فِيهَا مَعْصِيَةً، فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ يُنْهَى عَنْهَا وَلَا يَحْرُمُ الْمَاءُ فِيهَا؟ قِيلَ لَهُ - إنْ شَاءَ اللهُ-: إنَّ رَسُولَ الله إنَّمَا نَهَى عَنْ الْفِعْلِ فِيهَا لَا عَنْ تِبْرِهَا، وَقَدْ فُرِضَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ وَتَمَوَّلَهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَوْ كَانَتْ نَجِسًا لَمْ يَتَمَوَّلْهَا أَحَدٌ وَلَمْ يَحِلَّ بَيْعُهَا وَلَا شِرَاؤُهَا (٢).

القول الثاني: لا تصح الطهارة في آنية الذهب والفضة، وهو قول في مذهب المالكية ورواية عند الحنابلة، وبه قال داود الظاهري (٣).


(١) «البحر الرائق» (٨/ ٢١١)، و «مواهب الجليل» (١/ ٥٠٦)، و «المجموع» (١/ ٣٠٧)، و «المغني» (١/ ٥٨).
(٢) «الأم» (١/ ٢٣).
(٣) «الفواكه الدواني» (٢/ ٣١٩)، و «المغني» (١/ ٥٨)، و «المجموع» (١/ ٣٠٧)، و «المحلى» (١/ ٢٠٨).

<<  <   >  >>