للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السادس: الأسباب الموجبة للتيمم وفيه مطلبان]

[المطلب الأول: عدم وجود الماء]

قال ابن عبد البر: وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّ التَّيَمُّمَ بِالصَّعِيدِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ طَهُورُ (١).

ودل على ذلك عموم قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [المائدة: ٦].

[المطلب الثاني: إذا وجد ماء لا يكفي للطهارة]

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أنه إذا وجد ماء لا يكفي الوضوء أو الغسل، فإنه يتيمم ويدع الماء، وهو قول الحنفية والمالكية والقول القديم للشافعي (٢).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [المائدة: ٦]. فدلت الآية على أن الطهارة تكون بالماء إذا وجد، وعند فقده يكون التيمم، فإذا غسل بعض الأعضاء وتيمم عن الباقي فقد جمع بين الأمرين، والجمع بين الأمرين خلاف الآية، وأن فرضه التيمم إذا لم يكن الماء كافيًا لطهارة وأن الماء أصل والتيمم بدل، فكيف يجُمع بين الأصل والبدل؟!

القول الثاني: ذهب الشافعي في الجديد والحنابلة إلى أن من وجد ماء لا يكفي للطهارة فإنه يستعمل الماء الموجود ويتمم عن الباقي (٣).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾، وهذا واجد لبعض الماء، فيتطهر بما وجد ويتيمم عن الباقي، و ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾.

[المبحث السابع: يباح التيمم مع وجود الماء في أحوال]

الأول: يباح التيمم للمريض إذا كان يضره الماء.


(١) «التمهيد» (٩/ ٢٧٠)، و «الاستذكار» (٢/ ٣).
(٢) «المبسوط» (١/ ١١٣)، «مختصر خليل» (ص ١٩)، «المهذب» (١/ ٣٤).
(٣) «المهذب» (١/ ٣٤)، «المغني» (١/ ١٥٠).

<<  <   >  >>