للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

أقسام المياه من حيث حكمها (طهور ونجس)

اختلف أهل العلم في أقسام المياه على قولين:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أن الماء ينقسم إلى ثلاثة أقسام: طهور وطاهر ونجس. وبه قال الحنفية، والمالكية، والشافعية، ورواية عن أحمد (١).

واستدلوا لذلك بالسنة: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٦٦ - ٦٧)، و «بداية المجتهد» (١/ ٢٧١)، و «المجموع» (١/ ١٥٠)، و «كشاف القناع» (١/ ٣٠).
(٢) إسناده صحيح: وقد اختلف في إسناده ألوانًا:
أ - فرواه مَالِكٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ مولى ابن الأَزْرَقِ، عن الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، عن أَبي هُرَيْرَةَ: كما في الموطأ (١/ ٢٢). وأحمد (٢/ ٣٦١)، وأبي داود (٨٣)، والترمذي (٦٩)، والنسائي «الصغرى» (٥٩، ٣٣٢)، وابن ماجه (٣٨٦) وغيرهم من طرق عن مالك. وتابع مالكًا (إسحاق بن إبراهيم، وعبد الرحمن بن إسحاق) فروياه عن صفوان عند الحاكم «(١/ ١٤١).
ب - تابع صفوانَ بن سليم، الجلاحُ، واختلف عليه: فرواه أبو النضر ويحيى بن بكير، عن الليث، عن يزيد بن حبيب، عن الجلاح، عن سعيد، عن المغيرة، عن أبي هريرة، كما أخرجه أبو عبيد «الطهور» (ص: ٢٩٤).
وخالف أبا النضر ويحيى بن بكير قتيبة بن سعيد فرواه عن الليث عن الجلاح، عن المغيرة عن أبي هريرة به، عند أحمد (٢/ ٣٧٨)، وقد اختلف على قتيبة. فرواه النسائي (٥٩) عن قتيبة عن مالك عن صفوان بن سلمة عن المغيرة به. ورواية أبي النضر ويحيى بن بكير أرجح من رواية قتيبة؛ لموافقة رواية مالك.
ج - ورواه محمد بن إسحاق عن يزيد عن الجلاح، عن عبد الله بن سعيد، عن المغيرة، عن أبيه، عن أبي هريرة به. عند الدارمي (٧٢٨).
وأخرجه البخاري «التاريخ الكبير» (١٥٩٩)، من طريق محمد بن سلمة عن ابن إسحاق، بدون والد المغيرة.
وقد روى عن يحيى بن سعيد، عن المغيرة، عن رجل؛ كما في «المستدرك» (١/ ١٤١).
وروى عنه: عن عبد الله بن المغيرة الكندي، عن رجل، كما في «المعرفة» للبيهقي (١/ ٢٢٩).
وروى عنه: عن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة، عن رجل كما في «المستدرك» (١/ ١٤١).
وروى عنه: عن عبد الله بن المغيرة، عن أبيه، في «الآحاد والمثاني» (٢٨١٨).
وهناك خلافات أخرى عن يحيى بن سعيد، فدل ذلك على أنه غير محفوظ عن يحيى بن سعيد.
قال البيهقي: معرفة السنن والآثار «١/ ٢٣١»: هَذَا الِاخْتِلَافُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ كَمَا يَنْبَغِي. وَقَدْ أَقَامَ إِسْنَادَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنِ الْجُلَاحِ أَبِي كَثِيرٍ، ثُمَّ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ الْجُلَاحِ، كِلَاهُمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ . فَصَارَ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ صَحِيحًا، كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عِيسَى عَنْهُ.
وقد صحح البخاري والدارقطني والترمذي وابن خزيمة والبيهقي وابن عبد البر والنووي وغيرهم طريق مالك =

<<  <   >  >>