للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: إذا طهرت الحائض قبل المغرب بربع ساعة ثم اغتسلت فلم تنته إلا بعد أذان المغرب فهل تصلي العصر؟ اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين]

القول الأول: أنه يجب عليها صلاة العصر؛ لأنها طهرت من الحيض، فكما أنها لو طهرت قبل الفجر في ليالي رمضان ثم اغتسلت بعد الفجر أنه يصح صومها، فكذا الصلاة، وهو قول عند الشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة (١).

القول الثاني: أنه لا يجب عليها القضاء. وهو قول المالكية وقول عند الشافعية (٢).

قال ابن حزم: فَإِنْ طَهُرَتْ فِي آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِمِقْدَارِ مَا لَا يُمْكِنُهَا الْغُسْلُ وَالْوُضُوءُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، فَلَا تَلْزَمُهَا تِلْكَ الصَّلَاةُ وَلَا قَضَاؤُهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ. ثم قال: بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا أنَّ الله ﷿ لَمْ يُبِحِ الصَّلَاةَ إلَّا بِطَهُورٍ، وَقَدْ حَدَّ اللهُ تَعَالَى لِلصَّلَوَاتِ أَوْقَاتَهَا، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهَا الطَّهُورُ وَفِي الْوَقْتِ بَقِيَّةٌ فَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهَا لَمْ تُكَلَّفْ تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي لَمْ يَحِلَّ لَهَا أَنْ تُؤَدِّيَهَا فِي وَقْتِهَا (٣).

والراجح: أن تلك الصلاة تجب عليها لأنها لو طهرت قبل الفجر من المحيض ثم اغتسلت بعد الفجر فإنه يصح صومها، فكذا الصلاة فقد تطهر قبل انقضاء وقت الصلاة ثم تغتسل بعد انتهاء وقتها فعليها القضاء، والله أعلم.

المبحث الثاني: الصوم، وفيه مطالب:

[المطلب الأول: يحرم على الحائض الصوم.]

قال النووي: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ على أنَّ الحائضَ والنفساءَ لا تَجبُ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَلَا الصَّوْمُ فِي الْحَالِ (٤).


(١) «المجموع» (٣/ ٦٧)، «الإنصاف» (١/ ٤٤٢).
(٢) «منح الجليل» (١/ ١٨٦، ١٨٧)، «المهذب» (١/ ٦٠).
(٣) «المحلى» مسألة (٢٥٩).
(٤) «شرح مسلم» (١/ ٦٣٧).

<<  <   >  >>