للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة: أن النهي عن الاغتسال في الماء الدائم جاء مقرونًا بالنهي عن البول فيه، وإذا كان البول ينجسه فكذا الاغتسال.

واعترض عليه: بأن «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ» لو صح فالاشتراك في النهي لا يلزم منه الاشتراك في الحكم. ولهذا أدلة كثيرة منها: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ والأكل للإباحة، ﴿وآتوا حقه﴾ على الوجوب.

والراجح: أن الماء المستعمل طهور، يجوز التطهر به إذا أطلق عليه ماء؛ لعموم قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾، «ماء» نكرة في سياق النفي، فتعم كل ماء، سواءٌ كان الماء مستعملًا أو غير مستعمل، ولم يرد دليل من كتاب، أو سنة، أو إجماع يُخرج الماء المستعمل من عموم الآية.

قال ابن المنذر: وَفِي إِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ النَّدَى الْبَاقِيَ عَلَى أَعْضَاءِ الْمُتَوَضِّئِ وَالْمُغْتَسِلِ وَمَا قَطَرَ مِنْهُ عَلَى ثِيَابِهِمَا طَاهِرٌ - دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَإِذَا كَانَ طَاهِرًا فَلَا مَعْنَى لِمَنْعِ الْوُضُوءِ بِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ يَرْجِعُ إِلَيْهَا مَنْ خَالَفَ الْقَوْلَ (١).

[الصورة الثانية للماء المستعمل]

[حكم الماء المستعمل من غمس يد القائم من نومه]

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال.

القول الأول: أنه إذا غمس القائم من النوم يده في الإناء، فإن الماء ينجس. وبه قال أحمد فى روااة، والطبري (٢).

واستدلوا بحديث أبي هريرة أن النبي قال: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». فنهى النبى عن غمس اليد


(١) «الأوسط» (١/ ٢٨٨).
(٢) «الإنصاف» (١/ ٣٨)، و «شرح النووي لصحيح مسلم» (٣/ ٢٣١)

<<  <   >  >>