للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِحْيَتِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِله، إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» (١).

وجه الدلالة: أن الخطايا نجاسات، فيتنجس الماء المستعمل بها؛ ولذا يكون نجسًا.

واعترض عليه: بأن العبد إذا أذنب لا ينتقض وضوؤه، ولا يقال: إنه تنجس، وأن الذنوب ليست شيئًا حسيًّا يخالط الماء فينجسه.

قال ابن حزم: وَمَا عَلِمْنَا لِلْخَطَايَا أَجْرَامًا تَحِلُّ فِي الْمَاءِ.

وقال النووي: وَالْمُرَادُ بِخُرُوجِهَا مَعَ الْمَاءِ الْمَجَازُ وَالِاسْتِعَارَةُ فِي غُفْرَانِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَجْسَامٍ فَتَخْرُجَ حَقِيقَةً (٢).

الدليل الثاني: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : «لا يَبُلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَلا يَغْتَسِلْ فِيهِ مِنْ جَنَابَةٍ» (٣).


(١) مسلم (٨٣٢).
(٢) «شرح مسلم» (٣/ ١٣٣).
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٤٣٣)، وأبو داود (٧٠) وغيرهما من طريق محمد بن عجلان عن أبيه، عن أبي هريرة به. وقد حدث خلاف على ابن عجلان. وقد روى الحديث جماعة من الثقات الأثبات كالأعرج، وابن سيرين، وهمام بن همام وغيرهم بغير هذا اللفظ، كما في الصحيحين وغيرهما.
قال النووي «المجموع» (١/ ٢٠٤): رَوَاهُ هَكَذَا أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ : وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ» فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: كَيْفَ يَفْعَلُ؟ قَالَ: يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا. فَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ خِلَافُ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رِوَايَةُ الْحُفَّاظِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وحديث ابن عجلان شطره الأول: «لا يَبُلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ» له شواهد في الصحيحين، وثبت في مسلم: «لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ» يشهد لقوله: «وَلا يَغْتَسِلْ فِيهِ مِنْ جَنَابَةٍ»، ولكن علة حديث ابن عجلان أنه جمع حديثين في حديث واحد.

<<  <   >  >>