للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بما رُوى عن المغيرة قال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ: «دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ». فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا (١).

وجه الدلالة: «فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا» أي معًا كالأذنين من غير تقديم اليمنى على اليسرى.

القول الآخر: يُستحب تقديم اليمنى على اليسرى، وهو قول المالكية والشافعية وقول عند الحنابلة (٢).

واستدلوا بأن المسح بدل الغسل، وإذا كان يستحب في غسل الرجلين تقديم اليمنى على اليسرى فكذا المسح بدل عنه.

والراجح: استحباب مسح الخفين معًا كالأذنين لأن النبي مسح عليهما، أي معًا، ولو قدم اليمنى على اليسرى في المسح لبيَّنه النبي لصحابته الكرام.

[المبحث الرابع: مدة المسح وفيه خمسة مطالب]

[المطلب الأول: ابتداء مدة المسح.]

إذا كان المقيم يمسح يومًا وليلة فمتى يبدأ المسح؟ إذا لبس الخف، أو بعد أول حدث، أو يُستحب بعد أول مسحة؟

ذهب أحمد في رواية والأوزاعي إلى أن المسح يُحسب من أول مسح بعد الحدث.

قال المرداوي: وَيَمْسَحُ مِنْ وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِثُمَّ يَمْسَحُ إلَى مِثْلِهَا مِنِ الْغَدِ (٣).

دل على ذلك ما رواه مسلم عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ . فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً


(١) «البخاري» (٢٠٦)، و «مسلم» (٢٧٤).
(٢) «مواهب الجليل» (١/ ٣٢٤)، و «الأم» (٨/ ١٠٣)، و «الإنصاف» (١/ ١٨٥).
(٣) «مسائل أحمد رواية أبي داود» (١/ ١٦٧)، و «الإنصاف» (١/ ١٧٧). وبه قال أبوثور.

<<  <   >  >>