للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: هل التيمم رافع للحدث أو مبيح؟]

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن التيمم رافع للحدث كالوضوء، وبه قال الحنفية وقول عند المالكية وابن تيمية من الحنابلة (١).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾ [المائدة: ٦]، ولعموم قول النبي : «وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»، ومعنى الحديث: كما أنه يصلي في أي مكان على الأرض، فكذا يتيمم منها إذا فقد الماء.

القول الآخر: التيمم لا يرفع الحدث، إنما هو مبيح للصلاة، وهو قول مالك والقول الجديد للشافعي، والمشهور عند الحنابلة (٢).

واستدلوا بما روى البخاري من حديث عمران بن حصين الطويل وفيه: «فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ إذَا هُوَ بِرَجُلِ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ، قَالَ: «مَا مَنَعَك يَا فُلَانُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ؟» قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ. قَالَ: «عَلَيْك بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيك». وفي ختام هذا الحديث أعطاه النبي إناء من ماء، وقال: «اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ».

فالنبي قال: «عَلَيْك بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيك»، فدل ذلك على أن الحدث لم يرتفع وإنما هو مبيح لفعل الصلاة مع بقاء الحدث.

واعترض عليه بأنه إذا وُجد الماء بطل التيمم.

والراجح: أن التيمم رافع للحدث كالماء، والله أعلم.


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٥٥)، و «مواهب الجليل» (١/ ٣٤٨)، «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٣٥٢).
(٢) «المنتقى» (١/ ١٠٩)، «المجموع» (٢/ ٣٢٨)، «كشاف القناع» (١/ ١٧٥).

<<  <   >  >>