للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأدلة على أن المسلم طاهر سواء كان محدثًا أم غير محدث، وسواء كان حدثه أكبر أم أصغر متوافرة ومتضافرة.

قال شيخ الإسلام: وَأَبْدَانُ الْجُنُبِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ طَاهِرَةٌ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قولُ النَّبيِّ : «إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ». وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ بَدَنَ الْجُنُبِ طَاهِرٌ، وَعَرَقُهُ طَاهِرٌ، وَالثَّوْبُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ عَرَقُهُ طَاهِرٌ، وَلَوْ سَقَطَ الْجُنُبُ فِي دُهْنٍ أَوْ مَائِعٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ، بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ (١).

وذهب الحنفية في قول إلى أن من أحدث فهو نجس نجاسة حكمية (٢).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: ٦]. والطهارة لا تكون إلا عن نجاسة؛ إذ تطهير الطاهر لا يُعقل.

واعترض عليه بأن تجديد الوضوء يسمى طهارة مع أنه متطهر، فلا يشترط أن تكون الطهارة عن نجاسة، وأبو هريرة لما اعتبر أن حدثه نجاسة أخبره النبي بقوله: «المُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ».

والصحيح: ما ذهب إليه جمهور العلماء من طهارة بدن المسلم، سواء كان محدثًا أم غير محدث، وسواء كان حدثه أكبر أم أصغر.

[المبحث الثاني: طهارة بدن المشرك]

القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى طهارة بدن المشرك، وبه قال الحنفية، والصحيح من مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة (٣).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا


(١) «الفتاوى الكبرى» (١/ ٢٢٦).
(٢) «بدائع الصنائع» (١/ ٧٠)، و «تبيين الحقائق» (١/ ٨٨).
(٣) «بدائع الصنائع» (١/ ٦٤)، و «منح الجليل» (١/ ٤٧)، و «المجموع» (١/ ٣٢٠)، و «كشاف القناع» (١/ ٩٣).

<<  <   >  >>