للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

: (إِنَّى لَا أُحِلُّهَا لِمُغْتَسِلٍ، وَلَكِنْ هِيَ لِشَارِبٍ - أحسبه قال -: وَمُتَوَضِّئٍ حِلٌّ وَبِلٌّ) (١).

واعترض عليه بأنه هذا قول ابن عباس، وقد خالفه غيره من أصحاب النبي .

فبهذا ترجح قول من قال بالجواز؛ لقوة الأدلة، وعدم وجود دليل يمنع من رفع الحدث وإزالة الخبث بماء زمزم. وإذا كان الصحابة توضئوا بالماء المبارك الذي نبع من بين أصابع النبي (٢)؛ فكذا يجوز الوضوء بماء زمزم.

[القسم الثاني: الماء المستعمل]

صور الماء المستعمل:

[الصورة الأولى: الماء المنفصل من أعضاء المتوضئ أو المغتسل.]

قال الماوردي: الماء المستعمل في رفع الحدث، وهو ما انفصل من أعضاء المحدث في وضوئه، أو بدن الجنب في غسله.

فالحاصل: أن ما تقاطر من العضو الذي تتم به الطهارة ماء مستعمل بلا نزاع (٣).

الصورة الثانية: إذا غمس يده في إناء بنية رفع الحدث، هل يصير مستعملًا؟ أو انغمس في ماء قليل لرفع الجنابة، هل يصير مستعملًا؟


(١) إسناده صحيح، ولكن ذكر الوضوء فيه على الشك: أخرجه عبد الرزاق «المصنف» (٥/ ١١٤)، عن معمر، قال: أخبرني ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس به. وورد من طرق أخرى عن ابن عباس، كما عند ابن أبي شيبة في المصنف (١/ ٤١) وغيره.
(٢) روى البخاري (١٦٩)، ومسلم (٢٢٧٩) من حديث أنس بن مالك، أنه قال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ وَحَانَتْ صَلَاةُ العَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ الوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ فِي ذَلِكَ الإِنَاءِ يَدَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّؤوا مِنْهُ. قَالَ: فَرَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ، حَتَّى تَوَضَّؤُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ ..
(٣) «الحاوي» (١/ ٣٠٠)، و «شرح الخرشي» (١/ ٧٤)، وانظر: «البناية شرح الهداية» (١/ ٣٥٢)، و «منح الجليل» (١/ ٣٨)، و «المجموع» (١/ ٢١٥).

<<  <   >  >>