للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يجب إدخال المرفقين في غسل اليدين (١).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: ٦]، فكلمة ﴿إلى﴾ لانتهاء الغاية، أي حتى المرافق فلا يجب دخول المرفقين في غسل اليدين كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧] ولا يدخل الليل في الصيام فإلى هنا للغاية.

واعترض عليه بأن معنى ﴿إلى﴾ في الآية بمعنى (مع)، أي: واغسلوا أيديكم مع المرافقين، والذي يحدد ذلك هو السياق. فإذا كان النبي هو المبين لما أنزل إليه، ففي صفة وضوء النبي أنه غسل اليدين مع المرفقين فتعين حمل الآية على هذا المعنى. ولهذا المعنى شواهد، منها قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢] أي مع أموالكم.

وقد قال تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨] والقطع إنما هو للكف والذي بَيَّن هو النبي ، وقال تعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ﴾ [المائدة: ٦] والتيمم يكون بالضرب بالكف والذي بَيَّن هو النبي .

والراجح ما ذهب إليه جمهور العلماء من وجوب إدخال المرفقين في غسل اليدين، وحد غسل اليدين من أطراف الأصابع مع إدخال المرفقين في غسل اليدين.

[المبحث الثاني: كيف يغسل من كان أقطع اليد أو بعضهما؟]

إذا كان الرجل أقطع اليد وجب غسل ما بقي من محل الفرض بالإجماع (٢).

وقد قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦]، وقال رسول الله : «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (٣).

فيجب عليه غسل ما بقي من محل الفرض، وسقط عنه ما عجز عنه.

وإن كان مقطوع اليد من المفصل ففيه قولان:


(١) «المنتقى» للباجي (١/ ٣٦)، و «الإنصاف» (١/ ١٥٧)، و «المحلى» (١/ ٢٩٤).
(٢) وقد نقل الإجماع النووي كما في «المجموع» (١/ ٤٢٤)، والحطاب كما في «مواهب الجليل» (١/ ١٩١)
(٣) «البخاري» (٧٣٨٨)، و «مسلم» (١٣٣٧).

<<  <   >  >>