للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتمكن من دفعه بأظافيره (١).

قال أحمد: يحتاج إليه في أرض العدو (٢).

فالحاصل أن توفير الأظفار قد يباح في الحروب القديمة إذا كان يحتاج إليه، أما إذا كانت الحروب بالأسلحة والقنابل كما هو موجود الآن. فإن الأظفار تقلم.

[المبحث التاسع: السنة نتف الإبط وليس الحلق]

ودليل ذلك حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله : «الفِّطْرَة خمَس» … وذكر منها الاسِّتِحْدَاد، وَنَتْفِ الإبطِ (٣).

والحكمة في العانة الحلق وفي الإبط النتف.

وَ «نَتْفُ الْآبَاطِ» إزَالَةُ مَا نَبَتَ عَلَيْهَا مِنْ الشَّعْرِ بِهَذَا الْوَجْهِ، أَعْنِي النَّتْفَ، وَقَدْ يَقُومُ مَقَامَهُ مَا يُؤَدِّي إلَى الْمَقْصُودِ، إلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ أَوْلَى، وَقَدْ فَرَّقَ لَفْظُ الْحَدِيثِ بَيْنَ إزَالَةِ شَعْرِ الْعَانَةِ وَإِزَالَةِ شَعْرِ الْإِبْطِ، فَذَكَرَ فِي الْأَوَّلِ الِاسْتِحْدَادَ وَفِي الثَّانِي النَّتْفَ وَذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى رِعَايَةِ هَاتَيْنِ الْهَيْئَتَيْنِ فِي مَحِلِّهِمَا، وَلَعَلَّ السَّبَبَ فِيهِ أَنَّ الشَّعْرَ بِحَلْقِهِ يَقْوَى أَصْلُهُ، وَيَغْلُظُ جِرْمُهُ، وَلِهَذَا يَصِفُ الْأَطِبَّاءُ تَكْرَارَ حَلْقِ الشَّعْرِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُرَادُ قُوَّتُهُ فِيهَا، وَالْإِبْطُ إذَا قَوِيَ فِيهِ الشَّعْرُ وَغَلُظَ جِرْمُهُ كَانَ أَفْوَحَ لِلرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ الْمُؤْذِيَةِ لِمَنْ يُقَارِبُهَا، فَنَاسَبَ أَنْ يُسَنَّ فِيهِ النَّتْفُ الْمُضْعِفُ لِأَصْلِهِ، الْمُقَلِّلُ لِلرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ، وَأَمَّا الْعَانَةُ فَلَا يَظْهَرُ فِيهَا مِنْ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ مَا يَظْهَرُ فِي الْإِبْطِ، فَزَالَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلنَّتْفِ، ورُجِعَ إلَى الِاسْتِحْدَادِ؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ وَأَخَفُّ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنِ غَيْرِ مُعَارِضٍ (٤).


(١) البحر الرائق (٥/ ٨٢).
(٢) المغني (٩/ ١٦٧).
(٣) البخاري (٥٨٩١) ومسلم (٢٥٧).
(٤) إحكام الأحكام (١/ ١٢٥)

<<  <   >  >>