للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا». قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: «فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ» (١).

قال ابن حجر: حَدِيثِ بَهْزٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعَرِّيَ فِي الْخَلْوَةِ غَيْرُ جَائِزٍ مُطْلَقًا.

قال الشوكاني: أصل ستر العورة الوجوب، فلا يحل كشف شيء منها إلا لضرورة كما يكون عند خروج الحاجة فالاستتار قبل حالة الخروج واجب، فيكشف عورته حال الانحطاط لخروج الخارج لا حال كونه قائمًا ولا حال كونه ماشيًا إلى قضاء الحاجة (٢).

القول الآخر: ذهب الحنفية والمالكية ووجه عند الشافعية إلى أنه يُكره كشف العورة من غير حاجة (٣). واستدلوا بأن عورة الإنسان بضعة منه، ولا يحرم عليه النظر إلى أي جزء من جسمه، فكما أنه يباح النظر إلى عورة زوجته وما ملكت يمينه، فعورته أَوْلى بالجواز، وتحريم النظر إلى عورة الغير هي من باب تحريم الوسائل حتى لا يكون وسيلة في الوقوع في المحرم، وهذا منتفٍ في نظره إلى عورته، وإنما يستحب الستر لقوله : «فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ».

والراجح: القول باستحباب ستر العورة إذا كان الإنسان خاليًا، والله أعلم.

المطلب الثالث: جواز كشف العورة للغسل ونحوه إذا كان خاليًا:

ذهب جماهير العلماء إلى جواز كشف العورة للغسل ونحوه إذا كان خاليًا (٤).

وفي الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ!! فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ،


(١) سبق تخريجه.
(٢) «السيل الجرار» (١/ ٦٤).
(٣) «المبسوط» (٣/ ٢٦٥)، «الفواكه الدواني» (٢/ ٥٩٥).
(٤) «المبسوط» (٣٠/ ٢٦٥)، «حاشية العدوي» (٢/ ٥٩٥)، «المجموع» (٢/ ٢٢٧)، «المغني» (١/ ١٤٦).

<<  <   >  >>