للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَفَرَّ الحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَخَرَجَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ، يَقُولُ: ثَوْبِي يَا حَجَرُ!! حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى، فَقَالُوا: وَالله مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ!! وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، فَطَفِقَ بِالحَجَرِ ضَرْبًا» (١). فموسى كليم الله اغتسل عريانًا.

وروى البخاري: من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ، قَالَ: «بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَى رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ» (٢).

وجه الدلالة ما قاله الشوكاني: أَنَّ النَّبِيَّ قَصَّ الْقِصَّتَيْنِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْ شَيْئًا مِنْهُمَا، فَدَلَّ عَلَى مُوَافَقَتِهِمَا لِشَرْعِنَا، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ فِيهِمَا شَيْءٌ غَيْرُ مُوَافِقٍ لَبَيَّنَهُ (٣).

وذهب ابن أبي يعلى إلى أنه لا يجوز كشف العورة للغسل إذا كان خاليًا (٤).

واستدل بحديث بهز: فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: «فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ».

واعترض عليه بأن موسى اصطفاه الله بكلامه وبرسالاته اغتسل عريانًا. وأيوب نبي الله الصابر المحتسب اغتسل، وأقرهما خاتم الأنبياء والمرسلين، ودل ذلك على الإباحة.

واستدل بما روى ابن عدي عن جابر، قَال: قَال رَسُولُ الله : «لَا يَدْخُلُ أَحَدُكُمُ الْمَاءَ إِلا بِمِئْزَرٍ فَإِنَّ للماء عامرًا» (٥). واعترض عليه بأن الحديث موضوع.

والراجح: مذهب جمهور العلماء، أي جواز كشف العورة للغسل إذا كان خاليًا.


(١) «البخاري» (٢٧٨)، و «مسلم» (٣٣٩).
(٢) «البخاري» (٧٤٩٣).
(٣) «نيل الأوطار» (١/ ٣١٨).
(٤) «طرح التثريب» (٢/ ٢٢٥).
(٥) موضوع: الكامل في ضعفاء الرجال (٧/ ١٩٤)، وفي إسناده يحيى بن سعيد، قال النسائي: يروي عن الزهري أحاديث موضوعة.

<<  <   >  >>