للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: استحباب الاقتصاد في الماء وعدم الإسراف فيه]

ذهب جمهور العلماء إلى كراهة الإسراف في الماء واستحباب الاقتصاد في الوضوء.

واستدلوا بما روى أحمد من حديث عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله : «سَيَكُونُ من بعدي قَوْمٌ من هَذِهِ الْأُمَّةِ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَالطَّهُورِ» (١).

واعترض عليه بأنه لا يصح عن رسول الله .


(١) مدار هذا الحديث على حماد بن سلمة: فرواه سليمان بن حرب وعفان وموسى بن إسماعيل وعبد الصمد وغيرهم، كلهم عن حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي نعامة عن عبد الله بن مغفل به، أخرجه أحمد (٤/ ٨٧)، وأبو داود (٩٦)، وابن ماجه (٣٨٦٤)، وغيرهم، وحماد بن سلمة وإن كان سمع من الجريري قبل الاختلاط كما في (الكواكب النيرات) (١٨٣)، فإن أبا نعامة لم يسمع من عبد الله بن مغفل، قال الذهبي في تعليقه على المستدرك (١/ ١٦٢): فيه إرسال. ورواه يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن يزيد الرقاشي عن أبي نعامة به كما عند أحمد (٤/ ٨٦)، ويزيد: ضعيف ولعله أخطأ، والصواب رواية الجماعة. ورواه أبو الوليد الطيالسي عن حماد عن الجريري عن أبي العلاء، عن عبد الله بن مغفل، أخرجه ابن حبان (٦٧٦٣) وهذه الرواية معلة لمخالفتها لرواية الجماعة فجعل بدلًا من أبي نعامة أبي العلاء وأبو الوليد الطيالسي في روايته عن حماد مقال. قال أبو حاتم في ترجمة أبي الوليد: إن سماعه من حماد فيه شيء وكأنه سمع منه بآخره، وكان حماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره كما في تهذيب الكمال، ورواية الجماعة أَوْلى بالصواب وفيها انقطاع بين الجريري وأبو نعامة.
وله شاهد من حديث سعد بن أبي وقاص، أخرجه أحمد (١/ ١٧٢) قال حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ: قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ عَبَايَةَ يُحَدِّثُ عَنْ مَوْلًى لِسَعْدٍ (ح) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ عَبَايَةَ الْقَيْسِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ مَوْلًى لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنِ ابْنٍ لِسَعْدٍ أن سعدًا .... الحديث. وأبو عباية اسمه: قيس بن عباية، انظر: «تعجيل المنفعة» (١٣١٩). فأبو عباية يحدث به مرة عن عبد الله بن مغفل ومرة يحدث به عن مولى سعد أن سعدًا. وفي إسناده زياد بن مخراق، قال الأثرم: سألت أحمد عنه فقال: ما أدري، قال قلت له: روى حديث سعد أن النبي قال: «يكون بعدي قوم يعتدون في الدعاء»، فقال: لم يقم إسناده. قلت: فهو لا يصح.

<<  <   >  >>