للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذهب بعض الحنفية والمالكية إلي كراهة الاستياك في المسجد (١).

واستدلوا بما روى مسلم عن أنس قال: قال رسول الله : «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ ﷿» (٢) والمستاك قد يخرج من أسنانه بقايا الطعام والقذر، والمساجد يجب صيانتها عن هذا القذر.

قال القرطبي: حجةٌ لمالكٍ في منعِ إدخال الميِّت المسجدَ، وتنزيهِهَا عن الأقذار جملةً، فلا يُقَصُّ فيها شعر، ولا ظُفُر، ولا يتسوَّكُ فيها؛ لأنه مِنْ بابِ إزالةِ القَذَر (٣).

واعترض عليه بما قاله العراقي: وَلَوْ سَلِمَ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْقَاذُورَاتِ فَهُوَ لَا يُلْقِيهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنَّمَا يُزِيلُهُ فِي السِّوَاكِ، فَإِذَا كَانَ السِّوَاكُ مَحْفُوظًا مَعَهُ فَلَا بَأْسَ، وَقَدْ نُدِبَ إلَى السِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَيُؤْمَرُ حَاضِرُ الْمَسْجِدِ أَنْ يَخْرُجَ حَتَّى يَسْتَاكَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ؟ هَذَا مِمَّا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ (٤).

المبحث الثامن: ذِكر المواضع التي يتأكد فيها السواك:

لا شك أن السواك مسنون في كل وقت لقول النبي : «السِّوَاكُ مُطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ» (٥).

قال الشوكاني: أُطْلِقَ فِيهِ السِّوَاكُ وَلَمْ يَخُصَّهُ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَلَا بِحَالَة «مَخْصُوصَة» فَأَشْعَرَ بِمُطْلَقِ شَرْعِيَّتِهِ، وَهُوَ مِنْ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ (٦).


(١) الفواكه الدواني (١/ ٢٦٥)، والتاج والإكليل (١/ ٦١٨).
(٢) مسلم (٥٨٧).
(٣) المفهم (١/ ٥٤٤).
(٤) طرح التثريب (٢/ ١٤١).
(٥) أخرجه البخاري معلقا برقم (٤٩١٦).
(٦) نيل الأوطار (١/ ١٣٣، ١٣٤).

<<  <   >  >>