للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القسم الثالث سنن بعد الوضوء]

وفيه مبحثان

المبحث الأول: أذكار ما بعد الوضوء. وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: يستحب أن يقول بعد فراغه من الوضوء: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» (١).

المطلب الثانى: هل يستحب أن يقول بعد الوضوء اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ؟

روى الترمذي عن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله : «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ المُتَطَهِّرِينَ، فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» (٢).


(١) روى مسلم (٢٣٤) من حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الْإِبِلِ فَجَاءَتْ نَوْبَتِي فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ قَائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» قَالَ: فَقُلْتُ: مَا أَجْوَدَ هَذِهِ!! فَإِذَا قَائِلٌ بَيْنَ يَدَيَّ يَقُولُ: الَّتِي قَبْلَهَا أَجْوَدُ. فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ قَالَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ جِئْتَ آنِفًا، قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ - الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ».
(٢) زيادة (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) شاذة. مدار الحديث على معاوية بن صالح واختلف عليه، فرواه زيد بن الحباب عن معاوية عن ربيعة الدمشقي عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن عمر به.
وخالف زيد بن الحباب جماعة في السند والمتن، منهم: ابن مهدي كما عند مسلم (٢٣٤). وابن وهب عند أبي داود (١٦٩) والليث بن سعد عند أحمد (٤/ ١٤٥، ١٤٦)، وغيرهم، كلهم عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن عقبة بن عامر به بدون زيادة «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين»، فهذه شاذة، وهذه المخالفة في المتن.
أما المخالفة في السند فزيد بن الحباب جعل الحديث يرويه أبو إدريس وأبو عثمان عن عمر وقد تابع أبا إدريس أبو عثمان كما في «مسلم» (٢٣٤) من طريق ابن مهدي عن معاوية بن صالح عن أبي عثمان عن جبير بن نفير عن عقبة بدون الزيادة، وقد تابعهما عبد الوهاب ابن بخت كما عند أحمد (٤/ ١٤٥، ١٤٦)، والبيهقي (١/ ٧٨)، بدون الزيادة، فكل هذا يدل على شذوذ لفظه: «اللهم اجعلني من التوابين».

<<  <   >  >>