للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بالقياس، فكما أنه يحرم على الرجل لبس الحرير وأبيح إن كان يسيرًا وكان تابعًا، فكذا المضبب بالذهب إذا كان كذلك. وكما أنه يحرم إناء الفضة وإذا كان مضببًا جاز، فكذا الذهب.

واعترض عليه بأن النص أباح المضبب بالفضة، والفضة أقل ثمنًا من الذهب وأوسع ولذا أبيح الخاتم من الفضة.

القول الثاني: يحرم التضبيب بالذهب، وهو المشهور عن المالكية، والشافعية، والحنابلة (١)، واستدلوا بعموم النصوص التي تدل على تحريم آنية الذهب والفضة، فيدخل في النص القليل والكثير من الضبة، واستثنى الفضة بالنص فبقي ضبة الذهب على التحريم.

واعترض عليه بأنه إذا أبيحت ضبة الفضة فيقاس عليه الذهب لأن النص المحرم جَمَع بين حكمها، فلما أبيح ضبة الفضة أبيحت ضبة الذهب.

[المطلب السادس: حكم الإناء المضبب بالفضة]

ذهب جمهور العلماء إلى جواز التضبيب بالفضة، وإليه ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة (٢)، واستدلوا لذلك بما روى البخاري (٣) من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : «أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ انْكَسَرَ، فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ» قَالَ عَاصِمٌ: رَأَيْتُ القَدَحَ وَشَرِبْتُ فِيهِ. فدل ذلك على أن المضبب بالفضة جائز.

وذهب مالك في قول ورواية عن أحمد أنه لا يجوز التضبيب بالفضة مطلقًا (٤).

واستدلوا لذلك بالسنة والمأثور:

أما دليلهم من السنة فَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ شَرِبَ مِنْ إِنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ


(١) «المنتقى» (٧/ ٢٣٦)، و «روضة الطالبين» (١/ ٤٦)، و «الإنصاف» (١/ ٧٩).
(٢) «البحر الرائق» (٨/ ٢١٢)، و «روضة الطالبين» (١/ ٤٥)، و «المبدع» (١/ ٦٧).
(٣) «البخاري» (٣١٠٩).
(٤) «التمهيد» (١٦/ ١١١)، و «مواهب الجليل» (١/ ١٢٩)، و «الإنصاف» (١/ ٨٣).

<<  <   >  >>