للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَبْقَى مِنَ الصُّوفِ، فَهَذَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ كَمَا لَا تَأْثِيرَ لِكَوْنِ الْجِلْدِ قَوِيًّا، بَلْ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى مَا يَبْقَى وَمَا لَا يَبْقَى. وَأيضًا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْمَسْحِ عَلَى هَذَا كَالْحَاجَةِ إلَى الْمَسْحِ عَلَى هَذَا سَوَاءٌ، وَمَعَ التَّسَاوِي فِي الْحِكْمَةِ وَالْحَاجَةِ يَكُونُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا تَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ، وَهَذَا خِلَافُ الْعَدْلِ وَالِاعْتِبَارِ الصَّحِيحِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّة (١).

[المبحث الثالث: في المسح على النعلين]

اختلف أهل العلم في حكم المسح على النعلين على قولين:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز المسح على النعلين، وبه قال الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة (٢).

واستدلوا بأن الأصل غسل الرجلين كما ورد في القرآن. والنعال لا تقاس على الخفين؛ لأن النعال لا تستر محل الفرض فتكون تحت الكعب، فمالك لا يرى المسح على الخف إذا قطع أسفل الكعب، فالنعل من باب أَوْلى (٣).

والشافعي يرى أن الخف إذا لم يستر الكعبين أو ما يحاذيهما فلا يمسح عليهما، وعليه فلا يرى المسح على النعال؛ لأن النعال لا تستر المحل المفروض (٤).

القول الآخر: جواز المسح على النعلين، وبه قال علي بن أبي طالب.

واستدلوا بالسنة والمأثور والمعقول:

أما دليلهم من السنة فعن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ


(١) مجموع الفتاوى (٢١/ ٢١٤).
(٢) «شرح معاني الآثار» (١/ ٩٨)، «الشرح الصغير» (١/ ١٥٤)، «مسائل عبد الله» (١/ ١٢٢»، وفي «مسائل ابن هانئ» (١/ ١٨): ولا يمسح على النعلين إلا أن يكونا في جوربين. وفي «مسائل صالح» (٣٧٩): وسألته عن المسح على النعلين فقال: إذا كان في القدم جوربان قد ثبتا في القدم فلا بأس أن يمسح النعلين.
(٣) «المدونة» (١/ ١٤٣).
(٤) «الأم» (١/ ٤٩).

<<  <   >  >>