للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

مدة الحيض

وفيه عشرة مطالب

[المطلب الأول: أقل الحيض.]

اختلف أهل العلم في أقل الحيض على ثلاثة أقوال:

القول الأول: ذهب الإمام مالك إلى أنه لا حد لأقل الحيض ولو بدُفعة (١).

دل على ذلك عموم قول الله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ فمتى وُجد الحيض وُجد حكمه ولا يوجد له حد، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ وإذا طهرت المرأة من الحيض فلها أن تغتسل وتصلي، فإذا لم تطهر فلا يحل لها ذلك، قال : «فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي» فعَلَّق الحكم بإقبال الحيض وإدباره، ولم يعلق بمدة زمنية معينة، فدل ذلك على أنه لا تحديد لأقل الحيض.

قال ابن القيم: وَلَمْ يَأْتِ عَنِ الله وَلَا عَنْ رَسُولِهِ وَلَا عَنِ الصَّحَابَةِ تَحْدِيدُ أَقَلِّ الْحَيْضِ بِحَدٍّ أَبَدًا، وَلَا فِي الْقِيَاسِ مَا يَقْتَضِيهِ (٢).

قال ابن تيمية: الْحَيْضِ عَلَّقَ اللهُ بِهِ أَحْكَامًا مُتَعَدِّدَةً فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَمْ يُقَدَّرْ لَا أَقَلُّهُ وَلَا أَكْثَرُهُ وَلَا الطُّهْرُ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ مَعَ عُمُومِ بَلْوَى الْأُمَّةِ بِذَلِكَ وَاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ، وَاللُّغَةُ لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ قَدْرٍ وَقَدْرٍ، فَمَنْ قَدَّرَ فِي ذَلِكَ حَدًّا فَقَدْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ (٣).

القول الثاني: أن أقل الحيض ثلاثة أيام، وبه قال أبو حنيفة (٤). ودل على ذلك ما ورد عَنْ


(١) المدونة (١/ ١٥٢)، وفتح البر بترتيب التمهيد (٣/ ٤٩٣).
(٢) إعلام الموقعين (١/ ٢٩٧).
(٣) مجموع الفتاوى (١٩/ ٢٣٧).
(٤) حاشية ابن عابدين (١/ ٢٨٤) شرح فتح القدير (١/ ١٦٠)، بدائع الصنائع (١/ ٤٠).

<<  <   >  >>