للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعترض عليه بأنه حديث موضوع.

أما دليلهم من المأثور: فعن عُرْوَةُ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ، فَوَالَّذِى نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لأَظَلُّ حِين أَذْهَبُ إلَى الْغَائِطِ فِي الْفَضَاءِ مُغَطّيًا رَأْسِي اسْتِحْيَاءً مِنْ رَبِّي (١).

عَنِ ابْنِ طَاوسٍ قَالَ: أَمَرَنِي أَبِي إذَا دَخَلْتُ الْخَلَاءَ أَنْ أُقَنِّعَ رَأْسِي (٢).

قلت: أن تغطية الرأس حال قضاء الحاجة لا تصل للاستحباب، والأحاديث الواردة في الباب لا تصح عن رسول الله. والله أعلم.

[المبحث الحادي عشر: استحباب عدم اللبث فوق الحاجة]

نقل النووي الإجماع على استحباب عدم إطالة القعود فوق الحاجة (٣).

ولكن هذا الإجماع فيه نظر ففي مذهب الحنابلة ثلاث روايات: فهناك رواية بالتحريم (٤) وهناك رواية بالجواز (٥).

روى الترمذي عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّيَ فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إِلاَّ عِنْدَ الغَائِطِ وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ» (٦). وهذا الحديث لا يصح عن رسول الله.

وقال ابن المنذر: وروينا عن لقمان أنه قال لمولاه: إن طول القعود على الخلاء يجمع منه


(١) رجاله ثقات: أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف) (١/ ١٠٠) عن ابن المبارك عن يونس عن الزهري قال: أخبرني عروة عن أبيه عن أبي بكر به.
(٢) رجاله ثقات: أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٠١) من طريق ابن علية عن ابن طاوس به.
(٣) المجموع (٢/ ١٠٥) وحكاه ابن قاسم في حاشيته.
(٤) كشاف القناع (١/ ٦٧).
(٥) الإنصاف (١/ ٩٧٠٩٦).
(٦) ضعيف: أخرجه الترمذي (٢٨٠٠) وقال: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ وَأَبُو مُحَيَّاةَ اسْمُهُ: يَحْيَى بْنُ يَعْلَى.

<<  <   >  >>