للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحال الثاني: نقل النووي الإجماع على أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ سَفَرُهُ مَعْصِيَةً كَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَإِبَاقِ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِمَا، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْسَحَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا خِلَافٍ (١).

قلت: وهذا الإجماع منخرم فإن عند الحنفية يباح للمسافر سفر المعصية كقطع الطريق أو غيره المسح على الخفين (٢).

واستدلوا بعموم الأدلة التي تُجوز للمسافر المسح على الخفين، ولو كان السفر لمعصية غير داخل في النصوص لبينه الشرع، وكذا رجح قول الحنفية شيخ الإسلام فقال: المسافر مأمور بأن يصلي ركعتين، وما زاد على الركعتين ليست طاعة ولا مأمورًا بها أحد من المسافرين (٣).

[المبحث السادس: إذا لبس خفين فوق بعض يمسح على الأعلى منهما؟]

ذهب جمهور العلماء إلى أن من لبس خفًّا على خف أنه يباح له المسح عليه، وبه قول الحنفية ورواية عند مالك والقول القديم عند الشافعي والحنابلة (٤).

واستدلوا بحديث بلال قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ الله يَمْسَحُ عَلَى الْمُوقَيْنِ وَالْخِمَارِ» (٥).


(١) «المجموع» (١/ ٥١٠).
(٢) «مراقي الفلاح» (ص ١٦٣).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ١١٠).
(٤) «العناية شرح الهداية» (١/ ١٥٥، ١٥٦)، «المنتقى» (١/ ٨٢)، «المجموع» (١/ ٥٣١).
(٥) ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٦٢)، وأحمد (٦/ ١٥)، وغيرهما من طرق عن حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي إدريس عن بلال به، وأخرجه الروياني «مسنده» (٧٣٥) عن أبي قلابة عن بلال به فهو منقطع.
وقال البخاري «التاريخ الكبير» (١/ ٣٩٠): قال حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة، عن أبي إدريس عن بلال، وقال غير واحد عن أيوب عن أبي قلابة عن بلال مرسل.
وأخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٦٨) وغيره من طريق أبي عبد الله مولى التيم بن مُرة عن أبي عبد الرحمن قال: كنت جالسًا مع عبد الرحمن بن عوف فمر بنا بلال … الحديث، وفي إسناده أبو عبد الله مجهول.
وأخرجه الطبراني «مسند الشاميين» (١٣٧٢) من طريق مكحول عن الحارث بن معاوية الكندي عن بلال به، وفي إسناده: أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة شيخ الطبراني فيه مقال. وفى «مسند الشاميين» (١١٤٢) وشيخ الطبراني لم أقف عليه، وفي «المعجم الكبير» (١/ ٣٤٠) عن شريح عن علي بن أبي طالب، قال: زعم بلال .. وذكر الحديث، وهو منكر مخالف لحديث علي بن أبي طالب، وفي إسناده ليث وهو ضعيف.

<<  <   >  >>