للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب أبو ثور إلى أنه يصلي عريانًا (١)، واستدل بأن الثوب النجس كالمعدوم.

واعترض عليه بما قاله ابن القيم: وقول أبي ثور فى غاية الفساد، فإنه لو تيقن نجاسة الثوب لكانت صلاته فيه خيرًا وأحب إلى الله من صلاته عريانًا بادي السوءة للناظرين (٢).

[القسم السادس: الماء الحرام، وفيه مبحثان]

[المبحث الأول: الوضوء بالماء المحرم]

إذا سرق رجل من غيره أو غصب ماءً فتوضأ به، هل يصح وضوءه؟

ذهب جمهور العلماء إلى أن من سرق ماءً فتوضأ به آثم، ويرتفع حدثه، ويُزال خبثه، واستدلوا لذلك بأن الجهة منفكة، فهو قد تطهر طهارة صحيحة، وعليه إثم الغصب أو السرقة، وهذا قول الحنفية، والمالكية، والشافعية (٣).

وذهب الحنابلة في المشهور إلى أنه لا يصح الوضوء بالماء المسروق أو المغصوب (٤).

واستدلوا بعموم قول النبي : «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (٥).

قال ابن حزم: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُ الله تَعَالَى وَأَمْرُ رَسُولِ الله فَهُوَ مَرْدُودٌ بِحُكْمِ النَّبِيِّ ، والوضوء بالماء المغصوب خلاف أمر الله ورسوله فهو مردود غير مقبول (٦).

واستدلوا بما رُوِى عَنْ عَطَاءِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُصلي وَهُوَ مُسْبِلٌ إِزَارَهُ إِذْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ : «اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ»، قَالَ: فَذَهَبَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَكَ أَمَرْتَهُ يَتَوَضَّأُ؟ قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ يُصلى وَهُوَ مُسْبِلٌ إِزَارَهُ وَإِنَّ الله ﷿ لَا يَقْبَلُ


(١) «الأوسط» (٢/ ١٦٦).
(٢) «إغاثة اللهفان» (١/ ١٧٦).
(٣) «تبيين الحقائق» (١/ ٤٨)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ١٤٤)، و «المجموع» (٢/ ٢٩٥).
(٤) «الإنصاف» (١/ ٢٨)، و «المبدع» (١/ ٤٠).
(٥) مسلم (١٧١٨).
(٦) «المحلى» (١/ ٢٠٧ - ٢٠٨).

<<  <   >  >>