للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة أنه يتحرى (١).

قال الشافعي: وَإِنْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ أَحَدُهُمَا طَاهِرٌ وَالْآخَرُ نَجِسٌ وَلَا يَعْرِفُهُ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ فَيُصَلِّي فِيهِ وَيُجْزِئُهُ. وإذا كان من صلى في ثوب نجس لم يعلم إلا بعد الصلاة، لم يُعد، والرسول صلى وفي نعليه أذى ولم يُعد، فإن تحرى فهو أَوْلَى (٢).

قال شيخ الإسلام: لأن اجتناب النجاسة من باب الترك ولهذا لا تُشترط له النية، ولو صلى في ثوب لا يعلم نجاسته ثم علمها بعد الصلاة لم يُعد، فإن اجتهد فقد صلى في ثوب يغلب على الظن طهارته، وهذا هو الواجب عليه لا غير (٣).

القول الثاني: ذهب المالكية في قول، والمشهور من مذهب أحمد إلى أنه يصلي بعدد الثياب النجسة أو المحرمة، ويزيد صلاة (٤).

قال ابن قدامة: وَإِنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ ثِيَابٌ طَاهِرَةٌ بِنَجِسَةِ، لَمْ يَجُزِ التَّحَرِّي وَصَلَّى فِي كُلِّ ثَوْبٍ بِعَدَدِ النَّجِسِ، وَزَادَ صَلَاةً (٥).

واستدلوا لذلك بأنه أمكنه أداء فرضه بيقين من غير حرج فلزمه، بخلاف مَنْ تحرى فقد يخطئ، والعمل بالظن مع إمكان اليقين لا يجوز.

والراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء وهو التحري. وأما قول من قال: إنه يصلي بعدد الثياب النجسة ويزيد صلاة؛ لأنه يقينًا يكون صلى في ثوب طاهر، فهذا أحوط إذا لم يكن هناك مشقة، فإذا كانت ثَمّ مشقة فقد قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الأحزاب: ٧٨].


(١) «المبسوط» (١٠/ ٢٠٠)، و «المنتقى» (١/ ٦٠)، و «المجموع» (١/ ١٥١)، و «الإنصاف» (١/ ٧٧).
(٢) «الأم» (٨/ ١١١).
(٣) «بدائع الفوائد» (٣/ ٧٧٦).
(٤) «التفريع» (١/ ٢٤١)، و «الفروع» (١/ ٦٦)، و «الإنصاف» (١/ ٧٧).
(٥) «المغني» (١/ ٨٢).

<<  <   >  >>