للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحنابلة (١).

قال ابن رجب: إذَا تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ أَوْ النَّجَاسَةَ فِي مَاءٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ بَدَنٍ وَشَكَّ فِي زَوَالِهَا، فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الأَصْلِ إلَى أَنْ يَتَيَقَّنَ زَوَالَهُ، وَلَا يَكْتَفِي فِي ذَلِكَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَلَا غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَيَقَّنَ حَدَثًا أَوْ نَجَاسَةً وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ زَوَالُهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الأَصْلِ (٢).

قلت: كذلك لو شك في طلوع الفجر، فإنه يأكل حتى يستيقن، ولو شك في عدد الطواف، أو عدد الطلاق، أو الركعات، ففي كل ذلك يعمل باليقين ويطرح الشك.

وقد خالف المالكية في ذلك؛ ففي «تهذيب المدونة»: ولو أيقن بالوضوء، ثم شك في الحدث، فلم يدر أأحدث بعد الوضوء أم لا، فليُعد وضوءه (٣).

والراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء، فيمن أيقن الوضوء وشك في الحدث وهو في الصلاة أنه لا يعيد وضوءه، وأن وضوءه صحيح، ويبني على اليقين؛ لما ورد في الصحيحين عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ الرَّجُلَ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: «لَا يَنْفَتِلْ أَوْ: لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا» (٤).

قال الدسوقي: مَنْ شَكَّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِيهَا بَعْدَ دُخُولِهِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ عَنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ، وَمَنْ شَكَّ خَارِجَهَا طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِي طَهَارَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا إلَّا بِطَهَارَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ (٥).

[المبحث الثاني: إذا اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة أو محرمة]

اختلف أهل العلم فيما إذا اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة:

القول الأول: ذهب الحنفية، وبعض المالكية، والشافعية، ورواية عن الإمام أحمد: أنه إذا


(١) «حاشية ابن عابدين» (١/ ١٨٦)، و «المجموع» (١/ ٢١٩)، و «كشاف القناع» (١/ ١٣٢).
(٢) «القواعد» (ص: ٣٣٩، ٣٤٠).
(٣) «تهذيب المدونة» (ص: ١٨١).
(٤) البخاري (١٣٧)، ومسلم (٣٦١).
(٥) «حاشية الدسوقي» (١/ ١٢٤).

<<  <   >  >>