للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة: ﴿إِذَا قُمْتُمْ﴾ وهذا يكون بالنية، إلى قوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾. فدل ذلك على أن النية شرط في صحة الغسل.

وفي الصحيحين من حديث عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى».

وفي الحديث نفي أن يكون هناك عمل شرعي بدون نية.

القول الثاني: أن النية سُنة في الغسل من المحيض، وهو مذهب الحنفية (١).

واستدلوا بعموم قول النبي لأم سلمة في غسل الجنابة: «إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ».

«إِنَّمَا يَكْفِيكِ» هذا حصر ولو كانت النية واجبة لذُكْرت.

والراجح: قول الجمهور، أي أن النية شرط في صحة الغسل، وأمر النية سهل ويسير ومجبول عليه الإنسان، فلا يحتاج إلى تطويل حتى ذُكر أن الإنسان إذا أراد أن يفعل الشيء بدون نية فهذا فعل ما لا يطاق، ولذا فإن فعل جميع المسلمين صحيح في الغسل والصلاة والصوم وغيرذلك من حيث النية، والله أعلم.

[المبحث الثالث: حكم التسمية في غسل الحيض، أو: هل تسمي لغسل الحيض أم لا؟]

اختلف أهل العلم في ذلك:

فذهب الحنفية والشافعية (٢) إلى استحباب التسمية قبل غسل الحيض.

واستدلوا بما روى أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله : «كُلُّ كَلَامٍ أَوْ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُفْتَحُ بِذِكْر الله، فَهُوَ أَبْتَرُ - أَوْ قَالَ: أَقْطَعُ» (٣).


(١) «شرح فتح القدير» (١/ ٣٢)، «البحر الرائق» (١/ ٢٤)، «بدائع الصنائع» (١/ ١٩).
(٢) «مراقي الفلاح» ص (٤٣)، «بدائع الصنائع» (١/ ٣٥)، «المجموع» (٢/ ٢١٠).
(٣) ضعيف: أخرجه أحمد (٢/ ٣٥٩)، وقد سبق تخريجه.

<<  <   >  >>