للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعترض عليه بأنه هذا لا يصح عن رسول الله .

واستدلوا بأن المسح إنما جاز لمشقة النزع، وهذا عاصٍ بترك النزع واستدامة اللبس، فينبغي ألا يُعذر (١)، وكذا تجويز المسح على الخف المحرم يؤدي إلى إتلافه فيُمنع، قال النبي : «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (٢)، أي مردود عليه، فالمسح على الخف المحرم مردود لأنه خلاف أمر رسول الله .

القول الثاني: ذهب الحنفية وأكثر الشافعية إلى أن مَنْ مسح على خف محرم وهو يتوضأ فهو يجزئه مع الإثم (٣) لانفكاك الجهة؛ لأن الغصب أمر خارج عن الطهارة، فالغاصب مأذون له في المسح على الخفين، والمنع عارض، فعليه إثم الغصب.

القول الثالث: ذهب بعض المالكية إلى التفريق بين ما كان محرمًا لِحَقِّ الله فإذا كان الخف من حرير لا يمسح عليه وهو عاصٍ بلبسه وما كان محرمًا لحقِّ آدمي كالحق المغصوب يمسح عليه وعليه إثم الغصب (٤).

والراجح: أن المسح يجزئ وعليه إثم الغصب لانفكاك الجهة، فالغاصب مأذون له في المسح على الخفين، والمنع عارض، فعليه إثم الغصب، والله أعلم.

المبحث الثاني: لا يُشترط كون الخف ساترًا لما يجب غسله.

إن كان الخرق فوق الكعب جاز المسح بلا خلاف (٥).

وأما إذا كان الخرق دون الكعب فقد اختلف العلماء في هذا الشرط على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يمسح على الخف وإن كان فيه فتق أو خرق إذا كان يطلق عليه خف وبإمكانه أن


(١) «المجموع» (١/ ٥٣٨).
(٢) «مسلم» (١٧١٨).
(٣) «شرح فتح القدير» (١/ ٤٧)، «المجموع» (١/ ٥٣٨، ٥٣٩).
(٤) «حاشية الدسوقي» (١/ ١٨١).
(٥) «المجموع» (١/ ٥٢٣).

<<  <   >  >>