للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: «فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» (١) أي: في الخف، أي بعد كمال الوضوء، أي بعد غسل الرجل اليمنى واليسرى.

وذهب الحنفية ورواية عن أحمد إلى أن من توضأ فغسل رجله اليمنى ثم أدخلها في الخف قبل غسل الرجل اليسرى فإذا أحدث فأراد أن يتوضأ، فله أن يمسح على الخفين (٢).

واستدلوا بعموم قول النبي : «فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ».

وجه الدلالة: أن مَنْ غسل الرجل اليمنى ثم أدخلها في الخف فقد أدخلها وهي طاهرة وكذلك اليسرى.

والراجح: قول الجمهور، ومعنى «فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» أي أنه مسح عليهما بعد الانتهاء من الوضوء.

الشرط الخامس: يشترط إذا كان سليم القدمين يمسح على الخفين معًا:

قال النووي: لَوْ لَمْ يَكُنْ للرَّجل إلَّا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ جَازَ الْمَسْحُ عَلَى خُفِّهَا بِلَا خِلَافٍ (٣).

وقال في موضع آخر: تَنْبِيهٌ عَلَى مَسْأَلَةٍ مُهِمَّةٍ مِنْ أُصُولِ الْبَابِ وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ لَبِسَ خُفًّا فِي رِجْلٍ


(١) «البخاري» (٢٠٦)، و «مسلم» (٢٧٤)، واستدلوا أيضًا بما روى ابن خزيمة في صحيحه (١٩٢) عن أبي بكرة عن النبي أنه: «رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إِذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا». وجه الدلالة: «وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إِذَا تَطَهَّرَ». ولكن في إسناده: المهاجر بن مخلد: ضعيف.
وروى عبد الرزاق من حديث صفوان بن عسال: «أَمَرَنَا أَنْ نَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِذَا نَحْنُ أَدْخَلْنَاهُمَا عَلَى طُهُورٍ ثَلَاثًا، إِذَا سَافَرْنَا». زيادة: «إِذَا نَحْنُ أَدْخَلْنَاهُمَا عَلَى طُهُورٍ» شاذة، فالحديث مداره على عاصم عن زر عن صفوان به. ورواه الثوري عند عبد الرزاق (٧٩٢)، وابن عيينة عند أحمد (٤/ ٢٤٠)، وهمام عند أحمد (٤/ ٢٣٩)، وشعبة عند الطيالسي (١١٦٦) وغيرهم كثير، كلهم عن عاصم بدون زيادة «إِذَا نَحْنُ أَدْخَلْنَاهُمَا عَلَى طُهُورٍ» فهي زيادة شاذة.
(٢) «شرح فتح القدير» (١/ ١٤٧)، «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٢٠٩).
(٣) «المجموع» (١/ ٥٦١).

<<  <   >  >>