للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعترض عليه بأن الإجماع منخرم وحُكي وجه ضعيف شاذ عن الشافعية وقول عند الحنابلة أن الغسل يجب على المغمى عليه إذا أفاق (١).

وأما مالك فقيل له: فالمجنون أعليه الغسل إذا أفاق؟ قال: لا، ولكن عليه الوضوء (٢).

واستدلوا بسنية الغسل لمن أغمي عليه ثم أفاق بما روى البخاري عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: أَلَا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ ؟ قَالَتْ: بَلَى، ثَقُلَ النَّبِيُّ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ. قَالَ: «ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ» (٣)، قَالَتْ: فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ.

قال النووي: قوله : «ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ» فَاغْتَسَلَ، دَلِيلُ الِاسْتِحْبَابِ بِالْغُسْلِ مِنَ الْإِغْمَاءِ، وَإِذَا تَكَرَّرَ الْإِغْمَاءُ اسْتُحِبَّ تَكَرُّرُ الْغَسْلِ لِكُلِّ مَرَّةٍ فَإِنْ لَمْ يَغْتَسِلْ إِلَّا بَعْدَ الْإِغْمَاءِ مَرَّاتٍ كَفَى غَسْلٌ وَاحِدٌ، وَقَدْ حَمَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْغَسْلَ هُنَا عَلَى الْوُضُوءِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْإِغْمَاءَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَلَكِنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الْمُرَادَ غَسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ فَإِنَّهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَلَا مَانِعَ يَمْنَعُ مِنْهُ فَإِنَّ الْغَسْلَ مُسْتَحَبٌّ مِنَ الْإِغْمَاءِ (٤).

[المبحث الثالث: هل يستحب الغسل من تغسيل الميت؟]

اختلف العلماء في حكم الغسل لمن غسل ميتًا على أربعة أقوال:

القول الأول: ذهب الحنفية إلى أنه لا يسن الغسل من تغسيل الميت (٥).

واستدلوا بالسنة والمأثور:

أما دليلهم من السنة فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله : «لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غَسْلِ


(١) المجموع (٢/ ٢٦) الفروع (١/ ٢٠٣).
(٢) المدونة (١/ ١٢).
(٣) البخاري (٦٨٧) ومسلم (٤١٨).
(٤) شرح مسلم (٤/ ١٣٦).
(٥) فتح القدير (١/ ٦٦) بدائع الصنائع (١/ ٣٢).

<<  <   >  >>