للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طاهرة (١).

واستدلوا لذلك بما روي البخاري عن عَبْدَ اللهِ يَقُولُ: أَتَى النَّبِيُّ الغَائِطَ، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الحَجَرَيْنِ، وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: «هَذَا رِكْسٌ» (٢).

قوله: «هذا ركس»، أي نجس، فهذا فيه دليل على أنه يشترط أن تكون الأحجار طاهرة.

القول الثاني: ذهب الحنفية إلى أنه يجزي الاستجمار بكل ما يزيل النجاسة ولو كان المزيل نجسًا.

قال الكاساني: أمَّا الاستِنْجَاءُ بالَّروْثِ فَإِنَّ فِعْلَ ذَلِكَ يُعْتَدُّ بِهِ عِنْدَنَا، فَيَكُونُ مُقِيمًا سُنَّةً، وَمُرْتَكِبًا كَرَاهَةً، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِفِعْلٍ وَاحِدٍ جِهَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ، فَيَكُونُ بِجِهَةِ كَذَا، وَبِجِهَةِ كَذَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّ الرَّوْثَ نَجَسٌ فِي نَفْسِهِ، وَالنَّجَسُ كَيْفَ يُزِيلُ النَّجَاسَةَ؟ (وَلَنَا) أَنَّ النَّصَّ مَعْلُولٌ بِمَعْنَى الطَّهَارَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَمَا تَحْصُلُ بِالْأَحْجَارِ، إلَّا أَنَّهُ كُرِهَ بِالرَّوْثِ لِمَا فِيهِ مِنِ اسْتِعْمَالِ النَّجَسِ وَإِفْسَادِ عَلَفِ دَوَابِّ الْجِنِّ (٣).

والراجح: يشترط أن تكون الأحجار طاهرة، والله أعلم.

[المطلب الثاني: يحرم الاستنجاء بعظم أو روث]

اختلف أهل العلم فى حكم الاستنجاء بعظم أو روث علي قولين:

القول الأول: يحرم الاستنجاء بعظم أو روث. وهو قول بعض الحنفية وبعض المالكية والشافعية والحنابلة (٤).


(١) المنتقى (١/ ٦٨/ ٦٩)، والأم (١/ ٢٢)، ومطالب أولي النهى (١/ ٧٧).
(٢) البخاري (١٥٦).
(٣) بدائع الصنائع (١/ ١٨).
(٤) مراقي الفلاح ص ٢١٠، والكافي في فقه أهل المدينة (١/ ١٧)، والمهذب (١/ ٢٨)، والفروع (١/ ٩٢).

<<  <   >  >>