للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بحديث ابن عمر قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ عَنِ الْمَاءِ يَكُونُ بِأَرْضِ الْفَلَاةِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ السِّبَاعِ وَالدَّوَابِّ فَقَالَ: «إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ»، والسباع غير مأكولة اللحم إذا شربت من الماء؛ فالنبي يقول إذا كان الماء قليلًا فإنه ينجس الماء بسبب شربها؛ فبولها وروثها من باب أَوْلى. واستدلوا بأن لحم الحيوان غير مأكول اللحم خبيث، فكذا بوله نجس (١).

[المبحث الخامس: نجاسة الميتة]

نُقل الإجماع على نجاسة الحيوان ذي الدم الذي ليس بمائي إذا مات حتف أنفه بغير ذكاة شرعية. فقال ابن قدامة: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدَّبْغِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِيهِ (٢). وقال ابن رشد (٣): وَأَمَّا أَنْوَاعُ النَّجَاسَاتِ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا مِنْ أَعْيَانِهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ: مَيْتَةِ الْحَيَوَانِ ذِي الدَّمِ الَّذِي لَيْسَ بِمَائِيٍّ، وقال تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إلى مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ [الأنعام: ١٤٥].

[المبحث السادس: في الجلالة، وفيه مطلبان]

[المطلب الأول: تعريف الجلالة]

اختلف أهل العلم في تعريف الجلالة على ثلاثة أقوال:


(١) «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٥٨٥ - ٥٨٦).
قلت: وذهب داود، والشعبي إلى طهارة بول وروث غير مأكول اللحم، «الفقه الإسلامي» (١/ ١٧١)، وروى ابن أبي شيبة (١/ ١٠٩) بسند حسن عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ الشَّعْبِيِّ فِي السُّوقِ، فَبَالَ بَغْلٌ فَتَنَحَّيْت مِنْهُ، فَقَالَ: مَا عَلَيْك لَوْ أَصَابَك.
واستدلوا بما روى البخاري (١٧٤) من حديث ابن عمر، قال: (كَانَتِ الكِلَابُ تَبُولُ، وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي المَسْجِدِ، فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ ، فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ).
واعترض عليه بأنه قد يكون الأمر في أولِ الإسلام ثم نُسخ، وذلك لأنه صح عن رسول الله غسل الإناء من ولوغ الكلب، فدل ذلك على نجاسة ريقه، وبوله لن يكون أطهر من ريقه؛ ولأن هذه النجاسة تطهر بالاستحالة، فإذا أذهبت الشمس النجاسة فإنها تطهر.
(٢) «المغني» (١/ ٥٣).
(٣) «بداية المجتهد» (١/ ٦٦).

<<  <   >  >>