للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: ذهب أحمد في رواية (١) إلى أن هذا الماء طاهر غير مطهر.

واستدل لذلك بأن النبي نهى عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها، ولولا أن غمسها يؤثر في الماء لم ينه عنه، فإذا نهى عنه دل ذلك على تحول الماء إلى طاهر غير مطهر.

واعترض عليه بأن الحديث لم يتعرض لحكم الماء، وإنما فيه نهي عن غمس اليد في الماء بعد القيام من النوم، والأصل في الماء أنه طهور.

القول الثالث: ذهب جمهور العلماء إلى أن الماء المستعمل في غمس يد القائم من النوم طهور، وبه قال الحنفية، والمالكية، والشافعية، ورواية عن أحمد (٢).

قال ابن عبد البر: مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ أَوْ مَسَّ فَرْجَهُ أَوْ كَانَ جُنُبًا أَوِ امْرَأَةً حَائِضًا، فَأَدْخَلَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ يَضُرُّهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ في يده نَجَاسَةٌ، كَانَ ذَلِكَ الْمَاءُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَلَا يُدْخِلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا. قَالَ أَبُو عُمَرَ: الْفُقَهَاءُ عَلَى هَذَا كُلُّهُمْ يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ وَيَأْمُرُونَ بِهِ، فَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ أَحَدٌ بَعْدَ قِيَامِهِ مِنْ نَوْمِهِ فِي وَضُوئِهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا وَيَدُهُ نَظِيفَةٌ لَا نَجَاسَةَ فِيهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ وُضُوءَهُ (٣).

الراجح: أن من استيقظ من نومه أو مس فرجه، فأدخل يده في وَضُوئِه فليس ذلك يضره، إلا أن يكون في يده نجاسة، وغَسل اليد بعد قيامه من نومه قبل أن يغمسها في الإناء على الاستحباب، وهو قول جمهور العلماء.

الصورة الثالثة للماء المستعمل، وفيه ثلاثة مطالب:

[المطلب الأول: حكم وضوء الرجل والمرأة من إناء واحد ووقوع بعض الماء المستعمل في الإناء]

أجمع العلماء على جواز وضوء الرجال جميعًا من إناء واحد، وكذا النساء من إناء واحد، وكذا النساء والرجال جميعًا إذا كانوا من المحارم، وقد نقل الإجماع غير واحد.


(١) «مسائل أحمد رواية أبي داود» (ص: ٩)، و «الإنصاف» (١/ ٣٨).
(٢) «بدائع الصنائع» (١/ ٢٠)، و «المنتقى» (١/ ٤٧)، و «الأم» (١/ ٣٩)، و «الفروع» (١/ ٧٩).
(٣) «التمهيد» (١٨/ ٢٥٢).

<<  <   >  >>