للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الآخر: ذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية (١) إلى كراهية الماء المسخن بالشمس.

واستدلوا لذلك بالسنة والمأثور:

أما دليلهم من السنة: فعَنْ عَائِشَةَ قالت: دَخَلَ عَلَيَّ رسول الله وَقَدْ سَخَّنَتْ مَاءً فِي الشَّمْسِ، فقال: «لَا تَفْعَلِي هَذَا يَا حُمَيْرَاءُ فَإِنَّهُ يُوَرِّثُ الْبَرَصَ» (٢). واعترض عليه بأنه لا يصح.

أمادليلهم من المأثور: فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ الِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ الْمُشَمَّسِ وَقَالَ: إنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ (٣). واعترض عليه بأنه لا يصح عن عمر.

فالراجح: أن الماء المسخن بالشمس طهور من غير كراهة.

[القسم الخامس: الماء أو الثوب المشكوك فيه: وفيه مبحثان]

المبحث الأول: في حكم الماء إذا كان مشكوكًا فيه.

إذا تيقن طهارة الماء وشك هل وقعت فيه نجاسة، أو تيقن نجاسة الماء وشك في نقيضه، هل يبنى على اليقين أو على الشك؟

ذهب جمهور العلماء إلى أنه يبنى على اليقين، وهو مذهب الحنفية، والشافعية،


(١) «البحر الرائق» (١/ ٣٠)، و «منح الجليل» (١/ ٤٠)، وقال الشافعي «الأم» (١/ ١٦): ولا أكره الماء المشمس إلا من جهة الطب.
(٢) موضوع: مدار الحديث على هشام، عن أبيه، عن عائشة به، ويرويه عن هشام خالد بن إسماعيل عند الدارقطني (١/ ٣٨)، وقال: غريب جدًّا، وخالد بن إسماعيل متروك. وتابع خالدًا الهيثم بن عدي، كما في «الموضوعات» لابن الجوزي (٢/ ٧٩)، ووهب بن وهب وهو كذاب كما في «المجروحين» ابن حبان (٣/ ٧٥)، ومحمد بن مروان السدي كما في «مجمع البحرين» (١/ ٣١١)، ومحمد بن مروان متروك.
ورواه الدارقطني (١/ ٣٨)، وفي إسناده عمرو بن محمد منكر الحديث.
(٣) ضعيف جدًّا: أخرجه الشافعي «الأم» (١/ ٣)، وفي إسناده إبراهيم بن يحيى: كذاب.

<<  <   >  >>