للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: هل الزيادة على الثلاث من الإسراف؟]

قال الشوكاني: لا خلاف في كراهة الزيادة على الثلاث.

وفي «البحر الرائق»: أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى ثَلَاثٍ مَكْرُوهَةٌ، وَهِيَ مِنْ الْإِسْرَافِ، وَهَذَا إذَا كَانَ مَاءَ نَهْرٍ أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ، فَإِنْ كَانَ مَاءً مَوْقُوفًا عَلَى مَنْ يَتَطَهَّرُ أَوْ يَتَوَضَّأُ حَرُمَتْ الزِّيَادَةُ وَالسَّرَفُ بِلَا خِلَافٍ وَمَاءُ الْمَدَارِسِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُوقَفُ وَيُسَاقُ لِمَنْ يَتَوَضَّأُ الْوُضُوءَ الشَّرْعِيَّ (١).

واستدلوا بأن الزيادة على الثلاث من الإسراف بالسنة والمعقول:

أما دليلهم من السنة: فروى أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو وفيه قول رسول الله : «ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا»، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ - أَوْ ظَلَمَ وَأَسَاءَ -».

أما دليلهم من المعقول: فإن الزيادة عن الثلاث تورث الوسوسة.

قال أحمد وإسحاق: لا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلى.

والراجح: أنه يكره الزيادة على الثلاث والله أعلم.

قال النووي: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ، وَالْمُرَادُ بِالثَّلَاثِ الْمُسْتَوْعِبَةِ لِلْعُضْوِ (٢).


(١) (١/ ٣٠). وقال ابن تيمية «الفتاوى الكبرى» (١/ ٢٢٤): فَاَلَّذِي يُكْثِرُ صَبَّ الْمَاءِ حَتَّى يَغْتَسِلَ بِقِنْطَارِ مَاءٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مُبْتَدِعٌ مُخَالِفٌ لَلسُّنَّةِ، وَمَنْ تَدَيَّنَ بِهِ عُوقِبَ عُقُوبَةً تَزْجُرُهُ وَأَمْثَالَهُ عَنْ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْمُتَدَيِّنِينَ بِالْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لَلسُّنَّةِ.
قال ابن حزم: ويكره الإكثار من الماء في الغسل والوضوء والزيادة على الثلاث في غسل أعضاء الوضوء لأنه لم يأت عن رسول الله أكثر من ذلك، «المحلى» (المسألة ٢٠٨).
(٢) «شرح مسلم» (٢/ ١١١).

<<  <   >  >>