للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثَلَاثًا، وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: رأَيْتُ رَسُولَ الله فَعَلَ هَذَا (١).

واعترض عليه بأنه لا يصح عن رسول الله .

القول الثالث: ما قاله ابن القاسم: لَمْ يَكُنْ مَالِكٌ يُوَقِّتُ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً وَلَا مَرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثًا. وَقَالَ: إنَّمَا قَالَ الله : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦] فَلَمْ يُوَقِّتْ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ (٢).

والراجح ما ذهب إليه جمهور العلماء، أي استحباب الغسلة الثانية والثالثة عدا الرأس والأذنين.

وأختم بما قاله النووي: وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ مَرَّةً مَرَّةً وَعَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ سُنَّةٌ، وَقَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِالْغَسْلِ مَرَّةً مَرَّةً وَثَلَاثًا ثَلَاثًا وَبَعْضُ الْأَعْضَاءِ ثَلَاثًا وَبَعْضُهَا مَرَّتَيْنِ وَبَعْضُهَا مَرَّةً، قَالَ الْعُلَمَاءُ: فَاخْتِلَافُهَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَنَّ الثَّلَاثَ هِيَ الْكَمَالُ وَالْوَاحِدَةُ تُجْزِئُ فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ اخْتِلَافُ الْأَحَادِيثِ.

ورجح شيخ الإسلام: أن الأفضل أن يتوضأ أحيانًا مرة مرة، وأحيانًا مرتين مرتين، وأحيانًا ثلاثًا ثلاثًا، وأحيانًا ينوع في الوضوء الواحد بعض الأعضاء مرة وبعضها مرتين وبعضها ثلاثًا؛ ليفعل السنن على جميع وجوهها (٣).


(١) مدار الحديث على عامر بن شقيق وهو لين الحديث، واختلف عليه. فرواه أبو داود عن يحيى بن آدم عن إسرائيل عن عامر عن شقيق به، ولفظة: «وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا» منكرة؛ لأن الرواة الأثبات الثقات (وكيع وابن مهدي وأبو عامر العقدي وغيرهم) رووا الحديث عن إسرائيل عن عامر بن شقيق به، ولم يذكروا: «وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا» فهذه اللفظة منكرة.
أخرجه أحمد (١/ ٧٥)، وعبد الرزاق (١٢٥)، وابن الجارود «المنتقى» (٧٢)،.
(٢) «المدونة» (١/ ١١٣).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٣٣٧). وانظرشرح النووي على مسلم (٣/ ١٠٦)

<<  <   >  >>