للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَفَّانَ دَعَا بِإِنَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الإِنَاءِ، فَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ إِلَى الكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (١).

الحديث فيه استحباب الثلاث غسلات، ما عدا الرأس فإنها تمسح مرة واحدة.

وذهب الشافعي إلى استحباب الغسلة الثانية والثالثة في جميع الأعضاء بما فيها الرأس والأذنان (٢). واستدلوا بما روى مسلم أَنَّ عُثْمَانَ تَوَضَّأَ فَقَالَ: أَلَا أُرِيكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللهِ ؟ ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا (٣).

وجه الدلالة: «توضأ النبي ثلاثًا ثلاثًا» فيدخل في ذلك مسح الرأس ثلاثًا.

واعترض عليه بأن هذا حديث مجمل، وورد مفصلًا، وفيه غسل سائر أعضاء الوضوء ثلاثًا عدا مسح الرأس فهى مرة واحدة.

قال البيهقي: أن النبي توضأ ثلاثًا ثلاثًا، اعْتَمَدَ الشَّافِعِىُّ فِى تَكْرَارِ الْمَسْحِ وَهَذِهِ رِوَايَةٌ مُطْلَقَةٌ، وَالرِّوَايَاتُ الثَّابِتَةُ الْمُفَسَّرَةُ عَنْ حُمْرَانَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّكْرَارَ وَقَعَ فِيمَا عَدَا الرَّأْسِ مِنَ الأَعْضَاءِ وَأَنَّهُ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً.

واستدلوا بما روى أبو داود عَنْ شَقِيقِ، قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا


(١) البخاري (١٥٩)، ومسلم (٢٣٦).
(٢) «المجموع» (١/ ٤٦١)، «روضة الطالبين» (١/ ٥٩)، «سنن البيهقي» (١/ ٦٢).
(٣) أخرجه مسلم (٢٣٠) من طريق أبي أنس مالك بن عامر الأصبحي، وقد رواه الدارقطني «السنن» (١/ ٩٢) من طريق صالح بن عبد الجبار عن البيلماني عن أبيه عن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِالْمَقَاعِدِ، وفيه: (وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا) وفي إسناده البيلماني هو محمد بن عبد الرحمن: منكر الحديث، وقد اختلف في إسناده، وأخرجه أحمد (١/ ٦١)، وفي إسناده زيد بن دارة: مجهول الحال، وأخرجه أبو داود (١٠٧) وفي إسناده عبد الرحمن بن وردان: لين الحديث.

<<  <   >  >>