للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَصْحَابِنَا، وَمِثْلُهُ كُلُّ يَسِيرٍ مَنَعَ وُصُولَ الْمَاءِ حَيْثُ كَانَ، كَدَمٍ وَعَجِينٍ (١).

• الفرض الثالث: مَسْح الرأس وبيان المقدار الواجب مسحه:

من فروض الوضوء مسح الرأس بالنص والإجماع.

قال تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ [المائدة: ٦]، وقد نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم على أن مسح الرأس من فروض الوضوء.

المقدار الواجب مسحه من الرأس.

اختلف أهل العلم في المقدار الواجب مسحه من الرأس على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يجب مسح جميع الرأس، وهو مذهب المالكية وبعض الشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة (٢). واستدلوا بما ورد في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد، وفيه: «ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى المَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ» (٣).

وقال تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ [المائدة: ٦] والمراد بمسح الرأس: مسح جميع الرأس (٤)، والباء هنا للإلصاق، وبَيَّن ذلك النبي كما في الأحاديث الصحاح.

القول الثاني: ذهب الحنفية إلى أنه يكفي في مسح الرأس مقدار الناصية وهو ربع


(١) «الفتاوى الكبرى» (٥/ ٣٠٣)، وقال في «الفواكه الدواني» (١/ ١٤٠): وَلَا يَلْزَمُهُ إزَالَةُ مَا تَحْتَ أَظَافِرِهِ مِنِ الْأَوْسَاخِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عنِ الْمُعْتَادِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَلْمُ ظُفْرِهِ السَّاتِرِ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ.
(٢) «الاستذكار» (٢/ ٣٠)، و «المجموع» (١/ ٤٣١)، و «الإنصاف» (١/ ١٦).
(٣) «البخاري» (١٨٥)، و «مسلم» (٢٣٥).
(٤) قال ابن العربي «أحكام القرآن» (٢/ ٦٤): قوله تعالى: ﴿برؤوسكم﴾ الرأس عبارة عن الجملة التي يعلمها الناس ضرورة، ومنها الوجه، فلما ذكره الله في الوضوء وعَيَّن الوجه للغسل بقي باقيه للمسح.

<<  <   >  >>