للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرأس (١).

واستدلوا بما روى أحمد عن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ (٢).

قال الطحاوي: لَمَّا اكْتَفَى النَّبِيُّ فِي هَذَا الْأَثَرِ بَمَسْحِ النَّاصِيَةِ عَلَى مَسْحِ مَا بَقِيَ مِنَ الرَّأْسِ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْفَرْضَ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ هُوَ مِقْدَارُ النَّاصِيَةِ وَهُو رُبْعُ الرَّأْسِ (٣).

واعترض عليه بما قاله ابن العربي: فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ مَسَحَ نَاصِيَتَهُ وَعِمَامَتَهُ، وَهَذَا نَصٌّ عَلَى الْبَعْضِ؟ قُلْنَا: بَلْ هُوَ نَصٌّ عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَلْزَمْ الْجَمِيعُ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْعِمَامَةِ وَالرَّأْسِ. فَلَمَّا مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى مَا أَدْرَكَ مِنْ رَأْسِهِ وَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَى الْحَائِلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَاقِيهِ أَجْرَاهُ مَجْرَى الْحَائِلِ مِنْ جَبِيرَةٍ أَوْ خُفٍّ، وَنَقَلَ الْفَرْضَ إلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي هَذَيْنِ (٤).

واستدلوا بما روى أبو داود عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ الله تَوَضَّأُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ قِطْرِيَّةٌ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْعِمَامَةِ فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِ وَلَمْ يَنْقُضِ الْعِمَامَةَ» (٥).

واعترض عليه بأنه لا يصح عن رسول الله.

وروى عبد الرزاق قال: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَتَوَضَّأُ وَعَلَيْهِ الْعِمَامَةُ يُؤَخِّرُهَا عَنْ رَأْسِهِ، وَلَا يَحُلُّهَا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِه (٦). واعترض عليه بأنه لم يصح عن رسول الله وهو مرسل.

قال ابن القيم: وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ رَأْسِهِ الْبَتَّةَ،


(١) «المبسوط» (١/ ٦٣)، و «بدائع الصنائع» (١/ ٤)، و «حاشية ابن عابدين» (١/ ٩٩).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (٤/ ٢٥٥).
(٣) «شرح معاني الآثار» (١/ ٣١).
(٤) «الجامع لأحكام القرآن» (٢/ ٦٤).
(٥) إسناده ضعيف: «سنن أبي داود» (١٤٧) وفي إسناده أبو معقل، قال ابن القطان: مجهول وعبد العزيز بن مسلم الأنصاري: لين الحديث.
(٦) مرسل: «المصنف» (٧٣٩).

<<  <   >  >>