للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حائضًا (١).

واعترض على هذا القول من وجهين:

الأول: أنه لم يرد في القرآن والسنة اشتراط أن تكون المرأة حائضًا أو جنبًا.

الثاني: عموم قول النبي لعائشة: «إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدَيْكِ»، ومعناه أن الأذى في مكان الحيضة، وليس في مواضع الوضوء، فلا دليل على اشتراط الحيض.

والراجح: أنه يجوز للرجل أن يتوضأ بفضل المرأة؛ ذلك لأن الأصل في الماء أنه طهور إلا ما ظهر فيه النجاسات، وفضل المرأة ليس كذلك، وأما الأحاديث الواردة في الباب أن النبي نهى أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة، وأنه توضأ بفضل ميمونة؛ فقد قال الإمام أحمد: إنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي مَنْعِ التَّطَهُّرِ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ وَفِي جَوَازِ ذَلِكَ مُضْطَرِبَةٌ (٢).

قال ابن عبد البر: وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ وَتَتَوَضَّأَ الْمَرْأَةُ بِفَضْلِهِ انْفَرَدَتْ بِالْإِنَاءِ أَوْ لَمْ تَنْفَرِدْ، وَفِي مِثْلِ هَذَا آثَارٌ كَثِيرَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صِحَاحٌ. وَالَّذِي يُذْهَبُ إِلَيْهِ أَنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا ظَهَرَ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ أَوْ غَلَبَ عَلَيْهَا مِنْهَا، فَلَا وَجْهَ لِلِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يَصِحُّ مِنَ الْآثَارِ وَالْأَقْوَالِ، وَالله الْمُسْتَعَانُ (٣).

القسم الثالث: الماء المتغير بطول مُكثه:

قال ابن المنذر (٤): (أَجْمَعَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْآجِنِ الَّذِي قَدْ طَالَ مُكْثُهُ فِي الْمَوْضِعِ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ حَلَّتْ فِيهِ جَائِزٌ إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ) (٥).


(١) روى مالك «الموطأ» (١/ ٥٢) عن ابن عمر بسند صحيح: (لا بَأْسَ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ مَا لَمْ تَكُنْ حَائِضًا أَوْ جُنُبًا).
(٢) «فتح الباري» (١/ ٣٠٠).
(٣) «التمهيد» (١٤/ ١٦٥).
(٤) «الأوسط» (١/ ٢٥٩).
(٥) روى ابن أبي شيبة «المصنف» (١/ ٤٦)، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا ابن عون، عن ابن سيرين أنه كان يَكره الوضوء بالماء الآجن. وسنده صحيح.

<<  <   >  >>