للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، قَالَ: لَقِيتُ رَجُلاً قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ أَرْبَعَ سِنِينَ كَمَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَرْبَعَ سِنِينَ، قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللهِ أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ، وَأَنْ يَبُولَ فِي مُغْتَسَلِهِ، وَأَنْ تَغْتَسِلَ الْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ، وَأَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ، وَلْيَغْتَرِفُوا جَمِيعًا.

هذا الحديث إسناده صحيح ولكن فى متنه النهي: (وَأَنْ تَغْتَسِلَ الْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ)، وقد أجمع العلماء على جواز تطهير المرأة بفضل الرجل؛ ولذا ضَعَّفَ أحمد أحاديث الباب.

وعن عبد الله بن سرجس، قال: (نَهَى رَسُولَ الله أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ) (١). واعترض عليه بأنه ضعيف.

القول الثالث: يُكره الوضوء بفضل المرأة، وهو مذهب سعيد بن المسيب، والحسن (٢)، وهو قول عند الشافعية (٣).

واستدلوا لذلك بأن النبي نهى عن الوضوء بفضل المرأة، وتوضأ بفضل ميمونة، وفِعل النبي لا يعارض قوله. فإن أَمَرَ بشيء وَتَرَكَهُ دل ذلك على أن الأمر على الاستحباب، وإذا نهى عن شيء وفَعَلَهُ دل ذلك على أن النهي على الكراهة، إلا إذا جاء دليل يدل على الخصوصية؛ كقوله تعالى: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب: ٥٠]، ولما قيل له: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ الله. قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي».

القول الرابع: ذهب ابن عمر إلى أنه لا بأس أن يغتسل بفضل المرأة ما لم تكن جنبًا أو


(١) ضعيف، والصحيح فيه الوقف: مدار الحديث على عاصم الأحول واختلف فيه على الوقف والرفع؛ فرواه عبد العزيز بن المختار، عن عاصم، عن عبد الله بن سرجس مرفوعًا، كما عند الطحاوي «شرح المعاني» (١/ ٢٤)، والدارقطني (١/ ١١٦).
ورواه شعبة عن عاصم، عن عبد الله بن سرجس موقوفًا عليه، كما أخرجه الدارقطني (١/ ١١٧)، وقال: هذا موقوف صحيح، وهو أَوْلى بالصواب.
قال البخارى: وحَدِيثُ عَبْدِ الله بْنِ سَرْجِسَ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ مَوْقُوفٌ وَمَنْ رَفَعَهُ فَهُوَ خَطَأٌ. كما في علل الترمذي الكبير (ص: ٤٠) و «سنن البيهقي» (١/ ١٩٢).
(٢) روى ابن أبي شيبة (٣٥٧) عن عبدة بن سليمان عن شعبة، عن قتادة، عن ابن المسيب والحسن كانا يكرهان فضل طهورها. أي: المرأة. وإسناده صحيح.
(٣) «المجموع» (٢/ ٢٢١)، و «الأوسط» (١/ ٢٩٢).

<<  <   >  >>