للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بحديث سلمان: لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ، أَوْ بِعَظْمٍ. وروى البخاري من حديث أبي هريرة: قال رسول الله : «ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا، وَلَا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ، وَلَا بِرَوْثَةٍ» فَقُلْتُ: مَا بَالُ العَظْمِ وَالرَّوْثَةِ؟ قَالَ: «هُمَا مِنْ طَعَامِ الجِنِّ» (١).

القول الثاني: يُكره الاستنجاء بعظم أو روث، وهو قول بعض المالكية وبعض الحنفية (٢)، والصارف من التحريم إلى الكراهة هو أن كان العظم والروث نجسًا، فقد ورد في حديث جابر الانتفاع بشحم الميتة في طلاء السفن، فهذا صارف للتحريم إلى الكراهة.

والراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء من تحريم الاستنجاء بالعظم والروث.

[المطلب الثالث: يحرم الاستنجاء بالكتب الشرعية]

ذهب جماهير العلماء إلى تحريم الاستنجاء بالكتب الشرعية (٣).

واستدلوا لذلك بأن الاستنجاء بها فيه إهانة لها، وهذا منهي عنه، وكذا الكتب الشرعية لا تخلو من آيات قرانية وأحاديث نبوية، وهذه يجب توقيرها وعدم إهانتها، فمن فعل ذلك فعليه التوبة.

أما الاستجمار بكتب غير شرعية وليس فيها آيات قرانية ولا أحاديث نبوية فإنها جائزة إذا أزالت النجاسة

قال النووي: وَمِنَ الْأَشْيَاءِ المُحْتَرمةِ الَّتِي يَحْرُمُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا الْكُتُبُ الَّتِي فِيهَا شيئ من علوم الشرع فإنِ استنجي بشئٍ منه عَالِمًا أَثِمَ (٤).

وقال في موضع: ولو استنجي بشيئ مِنْ أَوْرَاقِ الْمُصْحَفِ وَالْعِيَاذُ بِاَلله عَالِمًا صَارَ كَافِرًا مُرْتَدًّا.


(١) البخاري (٣٨٦٠).
(٢) مواهب الجليل (١/ ٢٨٨)، والبحر الرائق (١/ ٢٥٥).
(٣) الخرشي (١/ ١٥١)، والتمهيد (١/ ٣٤٧)، والطالبين (١/ ٦٨).
(٤) المجموع (٢/ ١٣٧).

<<  <   >  >>