للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الرابع: لا حيض بعد سبعين سنة (١).

وكل هذه الأقوال عارية عن الأدلة الصحيحة.

والراجح: أنه لا حد لمنتهى سن الحيض عند النساء.

قال الماوردي: فَأَمَّا أَكْثَرُ زَمَانِ حَيْضِهِنَّ فَلَمْ يَنْحَصِرْ بِحَدٍّ لِاخْتِلَافِهِ وَتَبَايُنِهِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ لِحَرِّهَا وَبَرْدِهَا (٢).

قال ابن رشد: وأما العجوز التي لا يشبه أن تحيض فما رأت من الدم حُكم له بأنه دم علة وفساد؛ لانتفاء الحيض مع الكبر كما ينتفي مع الصغر، وليس لذلك أيضًا حد من السنين إلا ما يقطع النساء على أن مثلها لا تحيض.

[المطلب الثالث: هل تحيض الحامل؟]

اختلف أهل العلم في حيض الحامل على قولين:

القول الأول: ذهب المالكية، والشافعي في الجديد، ورواية عن أحمد إلى أن الحامل قد تحيض، وأن دم الحيض إذا نزل فعليها أن تدع الصلاة ولا تصوم حتى ينقطع الدم، فإذا انقطع اغتسلت وصلت وصامت (٣). دل على ذلك عموم قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النساء في المحيض﴾ [البقرة: ٢٢٢] فإذا وُجد الحيض وجد حكمه، ولا تخرج الحامل من هذا الحكم إلا بدليل كالصغيرة جدًّا تبلغ أربع سنوات نزل عليها دم فليس بدم حيض لأن الحيض من علامات البلوغ، وكذا خرجت الآيسة كما في قوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ﴾ [الطلاق: ٤] فالتي تبلغ من العمر مائة سنة إذا نزل عليها دم فليس بدم حيض لأنها خرجت بعموم الآية من الحيض، وغيرها إذا نزل عليها دم حيض يأخذ أحكامه، وبقي ما عداهما لعموم قول النبي : «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ الله عَلَى بَنَاتِ آدَمَ».


(١) مواهب الجليل (١/ ٣٢٥).
(٢) الحاوي (١/ ٣٨٨).
(٣) الموطأ (١/ ٦٠)، المجموع (٢/ ٤١١)، والاختيارات (ص ٣٠).

<<  <   >  >>