للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ الْمَحِيضِ وَلَوْ كانت بِنْتَ أَرْبَعِينَ. ثُمَّ إذَا تَرَبَّصَتْ وَعَادَ الدَّمُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ آيِسَةً.

وأما دليلهم من السنة: ففي الصحيحين من حديث عائشة: قال النبي لفاطمة ابن أبي حبيش: «فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي». «فإذا أقبلت حيضتك في أي سن - فدعي الصلاة» ولم يحدد سنًّا معينة.

قال ابن حزم: وإذا رأت العجوز المسنة دمًا أسود، فهو حيض مانع من الصلاة والطواف والوطء.

القول الثاني: ذهب بعض الحنفية، وبعض المالكية، والمشهور من مذهب الحنابلة، إلى أنه لا حيض بعد خمسين سنة (١).

واستدلوا بما رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: إذَا بَلَغَتْ خَمْسِينَ سَنَةً خَرَجَتْ مِنْ حَدِّ الْحَيْضِ.

واعترض عليه من وجهين:

الأول: بأن هذا الأثر لم أقف عليه في الكتب المسندة.

الثاني: ما قاله ابن قدامة: إنَّ هِنْدَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدَةَ وَلَدَتْ مُوسَى بْنَ عَبْدِ الله بْنِ حَسَنِ ابْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَلَهَا سِتُّونَ سَنَةً. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ مِنِ الْعَرَبِ رَأَتِ الدَّمَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ: إنْ عَاوَدَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَهُوَ حَيْضٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِي هَذَا إلَى الْوُجُودِ، وَقَدْ وُجِدَ حَيْضٌ مِنْ نِسَاءٍ ثِقَاتٍ أَخْبَرْنَ بِهِ عَنْ أَنْفُسِهِنَّ بَعْدَ الْخَمْسِينَ (٢).

القول الثالث: لا حيض بعد ستين سنة. وبه قال أكثر الحنفية، وبعض الشافعية، ورواية عن أحمد (٣).


(١) البحر الرائق (١/ ٢٠٦)، مواهب الجليل (١/ ٣٦٧)، الإنصاف (١/ ٣٥٦).
(٢) المغني (١/ ٤٤٥).
(٣) البحر الرائق (١/ ٢٠٦)، نهاية المحتاج (١/ ٣٢٥)، الفروع (١/ ٢٥٦).

<<  <   >  >>